سؤال مفتوح إلى دولة رئيس الحكومة نواف سلام: أين كرامة الدولة هذه المرّة؟
بقلم الإعلامي علي أحمد مدير موقع صدى فور برس
دولة الرئيس نواف سلام،
منذ أسابيع فقط، عندما وُضعت على صخرة الروشة صورة لسماحة السيد حسن نصرالله والسيد هاشم صفي الدين لبضعة دقائق لا أكثر، تعاملتم مع الأمر وكأنه اعتداء على سيادة الدولة وكرامتها، فسارعتم إلى الاعتكاف وطرح الاستقالة احتجاجاً، وتحول الموضوع إلى قضية وطنية من الدرجة الأولى، تُناقش على طاولة مجلس الوزراء وتُتّخذ بشأنها المواقف والتصريحات.
ولكن، يا دولة الرئيس، أين ذهبت كرامة الدولة اليوم؟
فعلى صخور نهر الكلب الأثرية، المَعلم المصنَّف رسمياً من الدولة اللبنانية والمُدرج ضمن برنامج “ذاكرة العالم” التابع لمنظمة اليونيسكو منذ عام 2005، ما زالت صورة الوزير الراحل بيار أمين الجميّل مثبتة منذ أكثر من أربع سنوات على صخور الموقع، في مخالفة صريحة وواضحة لقانون حماية الآثار رقم 166/1933 الذي يمنع تحت طائلة الملاحقة القضائية أي تشويه أو إضافة أو تعليق لافتات أو صور أو رموز على المواقع الأثرية المصنَّفة.
صخرة الروشة، التي أثارت حفيظتكم، ليست موقعاً أثرياً مصنّفاً، بينما صخور نهر الكلب هي معلم أثري رسمي وذاكرة وطنية خاضعة لحماية الدولة واليونيسكو.
ومع ذلك، صمتم عن المخالفة القائمة منذ سنوات، بينما تحركتم بعنفوان غير مسبوق حين تعلّق الأمر بصورة رمز وطني للمقاومة.
فهل أصبح تطبيق القانون انتقائياً في عهدكم؟
وهل تُقاس كرامة الدولة وفقاً للانتماء السياسي والشخصية الظاهرة في الصورة؟
وهل يُسمح لجهة أن تضع ما تشاء على معلم أثري مصنف دولياً، بينما تُستنفَر مؤسسات الدولة لأن صورة أخرى وُضعت مؤقتاً على صخرة غير مصنّفة؟
إنّ صخور نهر الكلب ليست جداراً حزبياً ولا مساحة دعائية، بل وثيقة أثرية تحفظ ذاكرة لبنان منذ آلاف السنين.
وأيّ إهمال أو تواطؤ أو تغاضٍ عن مخالفات تطالها هو تواطؤ على التاريخ نفسه، وجريمة في حق التراث الوطني الذي تمثّلون الدولة المسؤولة عن صونه وحمايته.
وما يزيد خطورة المشهد يا دولة الرئيس، أنّكم ما زلتم تضغطون على السلطة القضائية لتوقيف الصحافيين والناس حين يرفعون صوتهم أو يسألون سؤالاً مشروعاً حول العدالة والازدواجية في تطبيق القوانين.
فيا دولة الرئيس،
قبل أن تتحدثوا عن “كرامة الدولة”، احموا رموزها التاريخية من التسييس، وطبّقوا القانون بعدلٍ وشجاعةٍ على الجميع.
فلبنان لا يحتاج إلى استقالات إعلامية، بل إلى مواقف مسؤولة تُنصف الوطن لا الأطراف.