لا يمكن لأي قوةٍ سياسيةٍ أن تتبلور على أرض الواقع، من دون أن يكون لديها بنية أو قوة فيزيائية، وهذا حال سورية راهنًا، والتي فقدت جيشها العقائدي وأجهزتها الأمنية، فتحولت من دولةٍ لديها فائض في السيادة، ولاعبٍ إقليميٍ أساسيٍ في المنطقة، إلى دولةٍ فاقدةٍ لأبسط قواعد السيادة.
فقد باتت أرضًا مستباحةً، بكل ما للكلمة من معنى، حيث “تسرح وتمرح ” قوات الاحتلال الإسرائيلي، في الجنوب السوري، وتمعن في اعتداءاتها وخرقها للسيادة السورية، إلى حدٍ لامست فيها مشارف العاصمة دمشق.
ناهيك عن وجود الاحتلال الأميركي، والتمدد التركي في الأراضي السورية.
في منطقة شرق الفرات، تنتشر “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، ولم يقف حد التفلت والتفكك عن حدود شرق نهر الفرات، بل وصل إلى مشارف العاصمة دمشق، فها هي منطقة جرمانا التي تبعد 2 كلم عن الأولى، باتت أي (جرمانا)، تحت سيطرة تنظيم “رجال الكرامة”، وهو فصيل مسلح، ينتمي عناصره إلى طائفة الموحدين الدروز.
إلى ذلك، تقرّ “سلطة الجولاني” عينها أنها لا تمون على الإرهابيين مرتكبي جرائم الإبادة الجماعية، في الساحل السوري وجبال العلويين.
ما يعني أنها “سلطة” فاقدة للقرار، وعاجزة عن ضبط الأوضاع على الأرض، أي لا حكومة سورية بالمعنى الفعلي.
أما في شأن “الانفتاح الدولي” على الجولاني، فلا يعدو سوى مسألة “تكتيكية” ليس إلا، بدليل بقاء العقوبات الأميركية على سورية، واستمرار العزلة الدبلوماسية الغربية لدمشق.
حتى الزيارات الخارجية التي قام بها أخيرًا، فهي خضعت لموافقة مسبقة من مجلس الأمن، بناء على طلب الدول المضيفة، بحسب تأكيد مرجع سوري واسع الاطلاع.
ويستمر انكشاف “سلطة الجولاني” واحدًا تلو الآخر، فقد تسلمت النيابة العامة الفرنسية، في الأيام الفائتة، دعوى قضائية ضد الجولاني، وعدد من وزرائه بتهمة “الإبادة الجماعية والتطهير العرقي”، وجرائم ضد الإنسانية بسبب الأحداث التي عرفت باسم “مجازر الساحل”.
وفقاً للمذكرة القضائية التي أورد أبرز ما جاء فيها “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، فقد رفع المحامي، بيدرو أندروجار القضية نيابة عن “التجمع الفرنسي-العلوي”.
وجاء في المذكرة أن الحكومة السورية بقيادة أحمد الشرع (أبي محمد الجولاني) مارست “حملة ممنهجة ضد أبناء الطائفة العلوية”.
ووجهت الاتهامات إضافة للشرع إلى: “وزير الدفاع” مرهف أبو قصرة، “وزير الداخلية أنس خطاب”، و”قائد الفرقة “25، محمد الجاسم المعروف باسم (أبو عمشة).
أما بالنسبة، لبعض التطورات الأمنية التي صوّرها بعض “الإعلام” على أنها “إنجازات” لمصلحة “سلطة الجولاني”، كانسحاب مسلحي “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، من حيي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب في الأيام الفائتة، والتي حلّت محلّها قوات الشرطة والأمن العام، وبحسب ما أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، “فإن قوات الأمن العام في “الشيخ مقصود” و”الأشرفية”، بدأت بالانتشار ضمن انتشار مشترك بين قوى الأمن العام، و”قسد”، لتعزيز الأمن في المنطقة”، وتطبيقًا للاتفاق بين “قسد” و”سلطة الجولاني”، أي بقاء “قسد” في الحيين المذكورين.د
وتختم المصادر بالقول: “لقد باتت سورية محكومة من الثنائي “إسرائيل” و”تركيا”، الأولى عبر قواتها ومحمياتها الأمنية، والثانية عبر أدواتها، أي جبهة النصرة في تنظيم القاعدة”.