الأخبار الإقليميةالساحة الفلسطينيةالعالم العربي

محاولة أميركية لاستمالة دمشق نحو التطبيع..

وسط حركة إقليمية متسارعة لإعادة رسم ملامح النفوذ في سوريا، بدأت الولايات المتحدة خطوات خفض وجودها العسكري في سوريا، وتحديداً في «قواعدها» في دير الزور، في توجّه نحو تخفيض عدد قواتها إلى النصف، في ما يبدو أنها رسائل تطمين لدمشق، في حال وافقت على طلباتها، لتمكينها من استعادة سيادتها على الأراضي السورية ورفع العقوبات بشكل تدريجي.

وتوقّعت أن «الانسحاب جاء ضمن تكتيك أميركي قد يسمح لقوات دمشق بالدخول إلى أرياف دير الزور الشمالية والشرقية والتي تضم معظم آبار النفط والغاز في المحافظة»، لافتة إلى «وجود مخطط أميركي قد يسمح بتسليم دمشق ريف دير الزور والرقة والطبقة، في مقابل السماح بحكم ذاتي للأكراد في محافظة الحسكة ومدينة كوباني».

والواقع أن الخطوة الأميركية تأتي في ظل ترتيبات تقوم بها الولايات المتحدة على الأرض، من خلال الضغط على كل من الحكومة السورية و«قوات سوريا الديمقراطية» (قسد)، لتوقيع اتفاق العاشر من آذار، (الموقّع بين القائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، والرئيس في الفترة الانتقالية، أحمد الشرع)، والتي أتبعتها برسالة خطية إلى الإدارة السورية، تضمّنت مجموعة من المطالب المتعلّقة بـ«ضمان أمن إسرائيل» وإخراج الفصائل الفلسطينية من سوريا، وعدم تسليم «الجهاديين» الأجانب أي مناصب قيادية في الجيش السوري أو الحكومة السورية. ويبدو، في هذا السياق، أن واشنطن تريد استمالة حكام دمشق الجدد، وصولاً إلى جرّهم إلى توقيع «اتفاقية سلام» مع إسرائيل، وضمان إخلاء سوريا من أي تواجد فلسطيني من الممكن أن يشكل خطراً على الكيان الإسرائيلي في المستقبل، وفقاً لمراقبين.

وفي موازاة ذلك، يؤكد مصدر كردي، لـ«الأخبار» أن واشنطن تواصل تزويد «قسد»، منذ سقوط نظام الرئيس السابق، بشار الأسد، بـ«عشرات الشاحنات التي تحمل معدات وأسلحة مختلفة»، وتجري «تدريبات بالذخيرة الحية بالشراكة مع قسد»، مستبعداً «وجود أي نية أميركية حقيقية للانسحاب الكامل على الأقل حتى نهاية العام الجاري، نظراً إلى وجود ملفات أمنية حسّاسة تتعلّق بأمن سجون ومخيمات عناصر وعوائل تنظيم داعش». ويوضح أن «القرار الأميركي بتقليص عدد الجنود لا يعني تفكيك القواعد أو إنهاء النفوذ، بل العودة إلى مستوى ما قبل 7 تشرين الأول 2023، بسبب انعدام أي استهداف للقواعد الأميركية بعد سقوط النظام السابق»، معتبراً أن «هذا التقليص لن يؤثّر على فعالية القوات الأميركية في سوريا».

تواصل اللجان المركزية المشكّلة من كل من الرئيس الانتقالي، أحمد الشرع، والقائد العام لـ«قسد»، مظلوم عبدي، تطبيق اتفاق 10 آذار الموقّع بين الطرفين، الذي ينصّ على دمج مؤسسات مناطق سيطرة «قسد» المدنية والعسكرية في بنية الدولة السورية، وسط توقّعات بانعقاد جولة جديدة من المفاوضات الأسبوع القادم. وأكّدت مصادر مطّلعة على الملف، لـ«الأخبار»، أن «اتفاق حيَّي الشيخ مقصود والأشرفية في مدينة حلب، طُبِّق القسم الأكبر منه، مع بقاء خطوة استئناف تبادل الأسرى بين الطرفين»، مرجّحاً «انعقاد الجولة الجديدة من المفاوضات، لمناقشة هذا الملف، يوم الإثنين في الـ21 من الشهر الجاري».

وتعليقاً على مسار الاتفاق، قال وزير الخارجية التركي، حاقان فيدان، أمس، إن «أنقرة ترفض بشكل قاطع أي شكل من أشكال الفيدرالية في سوريا»، متابعاً أن «التشكيلات المسلحة كافة، بما فيها (قسد)، ستتخلى عن سلاحها وستندمج في الجيش السوري الجديد». وأوضح فيدان، خلال اجتماع مع نواب حزب «العدالة والتنمية» الحاكم في تركيا، أن «بلاده تتابع من كثب وبحساسية عالية تطورات الوضع في شمال سوريا»، مشدّداً على أن «تركيا لن تسمح بوجود أي هيكل مسلح خارج إطار الجيش الوطني السوري»، معرباً عن رغبة بلاده في «أن يكون الأكراد من المكوّنات المؤسّسة للدستور السوري».

إلى ذلك، وكما كان متوقّعاً، تأجّل المؤتمر القومي الكردي الذي كان من المقرّر انعقاده اليوم في مدينة القامشلي، إلى وقت لاحق، بعد احتجاج أحزاب «المجلس الوطني» الكردي على تفرّد «حزب الاتحاد الديمقراطي» الذي يقود «الإدارة الذاتية»، في الإعلان عنه. وفي السياق، تبيّن مصادر كردية، لـ«الأخبار»، أن «الاجتماع تمّ تأجيله بسبب خلافات بين الأطراف على الأعلام التي سيتم رفعها، واللجان التي ستنظم المؤتمر، والمقترحات التي سيخرج بها»، متوقّعة أن «يتوصّل منظّمو المؤتمر إلى آلية تمكّن عقده قبل نهاية الشهر الجاري، في ظلّ ضغوط أميركية وغربية متزايدة لتوحيد الموقف الكردي في سوريا».