الساحة اللبنانية

ميقاتي في افتتاح “منتدى الاقتصاد العربي”: ترشيد الانفاق وتعزيز مداخيل الدولة يجب ان يكونا من أولوية الدولة في المستقبل المنظورونطالب المسؤولين السياسيين بالترفع عن مصالحهم الضيقة وتعزيز القواسم المشتركة

افتتحت مجموعة الاقتصاد والأعمال بالاشتراك مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية واتحاد الغرف العربية والمؤسسة العامة لتشجيع الاستثمارات في لبنان “ايدال” وبالتعاون مع جامعة الدول العربية، “منتدى الاقتصاد العربي” بدورته الـ 28 أعماله، في فندق فينيسيا انتركونتيننتال، تحت عنوان: “لبنان: الطريق إلى النفط”، برعاية وحضور رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، ومشاركة أكثر من 400 شخصية من لبنان ومن نحو 30 بلدا.

حضر الافتتاح: الرئيس ميشال سليمان، الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس تمام سلام، الامين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط،  الوزراء في حكومة تصريف الاعمال: الطاقة والمياه وليد فياض، الاقتصاد والتجارة أمين سلام، الصناعة جورج بوشكيان، السياحة وليد نصار، الاعلام زياد مكاري، وعباس الحاج حسن، سفراء الولايات المتحدة الاميركية دوروتي شيا، المانيا  اندريا كيندل، المملكة العربية السعودية وليد بخاري، قطر أحمد السهلاوي، سلطنة عمان احمد السعيدي،  تونس بواري الامام، الجزائر عبد الكريم الركيبي،  المغرب محمد كرين، النواب: فريد البستاني، غسان سكاف، ياسين جابر، ياسين ياسين، ووضاح الصادق، رئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين سمير ناس، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان محمد شقير، الرئيس التنفيذي لمنتدى الاقتصاد والاعمال رؤوف أبو زكي،  أمين عام اتحاد الغرف العربية خالد الحنفي،  نقيب المحررين جوزف القصيفي، رئيس اتحاد مجالس الأعمال اللبنانية الخليجية سمير الخطيب، رئيس الاتحاد العمالي العام الدكتور بشاره الأسمر. كما حضر عدد من الوزراء والنواب  والسابقين ورؤساء الهيئات والغرف الاقتصادية والمهنية وقادة الشركات المالية والصناعية والاستثمارية عامة ومجالس الأعمال اللبنانية في الاغتراب.

الرئيس ميقاتي

والقى الرئيس ميقاتي كلمة، قال فيها: “أهلاً وسهلاً بكم في منتدى الاقتصاد العربي الذي تنظمه مجموعة الاقتصاد والاعمال والذي ينعقد هذا العام بعنوان “لبنان: الطريق الى النفط”، ويشكل فرصة للتواصل حول المسائل الاقتصادية الأساسية في منطقتنا العربية في ظل تلاقي شخصيات ومرجعيات وخبراء مرموقة من لبنان والعالم. بداية، لا بد من الاعتراف بأن العالم يمر الان بحقبة تتميز بتحديات اساسية انطلاقا من تأثير المتغيرات المناخية وصولا الى الصراعات الدولية المستجدة وخصوصا الحرب في اوكرانيا وتأثيراتها على أسعار الطاقة وغيره.أما الاقتصاد العربي فواصل تعافيه هذا العام وذلك للعام الثاني على التوالي، حيث يقدّر صندوق النقد الدولي أن يسجّل نمواً حقيقياً نسبته 5.0% في العام 2022، علماً أنه ثاني أكبر نمو مناطقي في العالم”. 

أضاف: “في لبنان، ورغم الضغوطات الماكرو-اقتصادية المستمرة والاختلالات المالية المتواصلة في ظل تشنج سياسي متعاظم، عاد الاقتصاد ليسجل هذا العام نموا يقارب 2% بالقيم الفعلية، بعد الانكماش الصافي الملحوظ الذي شهده منذ بداية الازمة. ولعل نمو الاستيراد بنسبة 44% في الأشهر الاحدى عشرة الأولى من هذا العام مردّه الى تحسن النشاط الاقتصادي المحلي في ظل ارتفاع الطلب الداخلي.هذا النمو يترجم عبر عدد من المؤشرات الماكرو الاقتصادية والتي من أبرزها:

-تحسن قطاع البناء مع ارتفاع تسليمات الاسمنت بنسبة 36% في الأشهر السبعة الاولى من العام 2022 ، مما قد يؤدي الى نشاط اكبر في القطاع العقاري ، خايك في ظل مواصلة نمو الرخص في الأشهر الاولى من العام 2022 الممنوحة من قبل نقابة المهندسين، ما قد يؤدي إلى نشاط أفضل في القطاع العقاري مستقبلاً.

-ارتفاع تدفق الزائرين عبر مطار بيروت بنسبة 53% خلال الأشهر العشرة الاولى من العام 2022

-التحسّن الموازي في التدفقات المالية بالعملة الصعبة باتجاه الاقتصاد المحلي.

-زيادة عدد السياح بنسبة 70% في الأشهر التسعة الأولى من العام 2022، مع توقع موسم مزدهر لعيدي الميلاد ورأس السنة.

-تحسن النشاط الفندقي مع ارتفاع نسبة اشغال الفنادق من 45% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2021 الى 55% في الأشهر التسعة الاولى من العام 2022.

-زيادة تحويلات العاملين في الخارج بنسبة 7% في العام 2022 لتبلغ 6,8 مليار دولار”.

تابع: ” إلا أنه لا شك ان القطاع الخاص اللبناني ما زال يعمل دون قدرته الإنتاجية بشكل ملحوظ ويتطلع إلى استتباب الأوضاع السياسية العامة وتجاوز الاستحقاقات الدستورية الداهمة من أجل استعادة عامل الثقة والتوصل إلى توافق حول الأجندة الإصلاحية وإبرام اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي من أجل إعادة البلاد إلى مسار النمو المرجو  واحتواء الضغوطات الجمّة التي ما زالت ترزح تحتها الأسر اللبنانية في يومنا هذا. أما من ناحية القطاع العام، فهو بات يرزح تحت أزمة هائلة حيث أنّ مجمل الموازنة لا تتجاوز المليار دولار بالدولار النقدي مقابل ما يقارب 17 مليار دولار في موازنة العام 2019، ما يحدّ من الموارد المتاحة للبنى التحتية والنفقات التشغيلية والاستثمارية. يبقى القول إن جهود ترشيد الانفاق وتعزيز مداخيل الدولة يجب ان تكون من أولوية الدولة في المستقبل المنظور كون اختلال المالية العامة من أبرز المعضلات التي ترهق الاقتصاد الكلّي ومعالجتها تشكل مدماكا أساسيا للبدء بالخروج التدريجي من الازمة القائمة”.

وقال:”على مشارف عام جديد، فان لبنان على مفترق طرق، خلاصته إما النهوض المنتظر أو التدهور القاتم. ففي حال تحقّق السيناريو السياسي-الاقتصادي الإيجابي، تبدأ الضغوط الاقتصادية والاجتماعية بالانحسار ويبدأ البلد بالنهوض من كبوته القاتمة. ويتمحور هذا الأمر بانتخاب رئيس جديد للجمهورية في أسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة جديدة تتعهد باعتماد نهج اصلاحي حقيقي بدعم سياسي فاعل وشامل يطال خصوصا القطاع العام وايجاد بيئة استثمارية آمنة في ظل قضاء عادل ومستقل، واستكمال الخطوات المطلوبة للانتقال الى مرحلة الاتفاق النهائي مع صندوق النقد الدولي، مما  يؤسس للحصول على مساعدات خارجية واستثمارات باتجاه لبنان والتي تشترط انخراط الصندوق كمراقب دولي للإصلاحات في الداخل. وفي حال تحقق السيناريو الإيجابي المنشود، من المتوقع أن يسجل الاقتصاد الفعلي نموا إيجابيا يتراوح بين 4% الى 5% في العام 2023 يحركه المشاريع والاستثمار الخاص، ويساعد على استقرار سعر صرف الليرة. أأما  السيناريو المعاكس، لا سمح الله،فسوف يؤدّي الى مزيد من الركود الاقتصادي والتعثر في كل القطاعات الذي سيؤدي إلى ضغوط كبيرة على سعر الصرف مما ينعكس خصوصا على الأوضاع الاجتماعية و على الأُسَر اللبنانية عموما”.

أضاف:” في ظل هذه المفارقة، نحن نطالب بأن يترفّع  المسؤولين السياسيين عن مصالحهم الضيقة ويبدّون المصلحة العامة ويعززون القواسم المشتركة، ما يؤسس للخروج من الكبوة القاتمة واحتواء المخاطر الكامنة والى الانتقال الى حقبة من النهوض الاقتصادي المرجو في الأفق”.

وأشار إلى أن “الدولة اللبنانية أنجزت اتفاقية ترسيم الحدود البحرية جنوباً وأطلقت عملية الاستكشاف في البلوك الرقم 9 وسوف تقوم الشركات المكلفة بذلك بحفر بئر استكشافي في سنة 2023. وفي حال أتت نتائج التنقيب إيجابية، يتعزز عامل الثقة في الاسواق. وبما أن عنوان المؤتمر اليوم هو “الطريق إلى النفط”، من المهم القول أن استكشاف الغاز سيدرّ مكاسب اقتصادية هامة على لبنان، أولاً من خلال جذب الاستثمارات الأجنبية، وتالياً من خلال تعزيز إيرادات الدولة في حال تبيّن أن الموارد الهيدروكربونية قابلة للتسويق. كما أن انتعاش القطاع الهيدروكربوني في لبنان سيخفض من عجز قطاع الطاقة ويعزز الوضعية الخارجية للبنان ويساعد على الولوج الى نهوض اقتصادي عام”. 

وقال: “إن عملية المسار السريع للاستكشاف (Fast Track Exploration) وفي حال وجود كميات تجارية سوف يستتبعها تطوير للحقل بالسرعة القصوى، وذلك لإمداد السوق المحلي بالغاز الطبيعي،وعلى وجه التحديد معامل الكهرباء ،بدءاً بمعمل الزهراني جنوباً حتى دير عمار شمالاً. وسوف يكون هناك دور كبير للقطاع الخاص في عملية تمويل وإنشاء البنى التحتية للغاز الطبيعي،مما سيساعد على خفض كلفة الكيلوات ساعة وسوف يسهم في تنمية الصناعات المحلية التي سوف تعتمد على الغاز الطبيعي. ولتحقيق النتائج المثلى والمنفعة القصوى من الإدارة الرشيدة لموارد الطبيعية، لا بد من إشراك كافة شرائح المجتمع ولا سيما الفعاليات الإقتصادية والتي هي على تماس مباشر مع قطاع النفط والغاز وخاصة في مراحله الأولى من التنقيب والاستكشاف ولاحقاً في مرحلتي التطوير والإنتاج. إن مستوى المنفعة للمحتوى المحلي (Local Content) يُقاس بقدرة القطاعات الاقتصادية، لاسيما القطاع الخاص، على تقديم الدعم والمساهمة في الأنشطة البترولية من خلال توافر الخدمات والسلع محلياً. كما أنه من شأن تلك المساهمة تحسين الدورة الاقتصادية من خلال خلق فرص عمل جديدة وبناء قدرات وكفاءات محلية من جراء تحسين نوعية السلع والخدمات المطلوبة من قبل شركات النفط العالمية وذلك للحفاظ على خصوصية القطاع مع الأخذ بعين الاعتبار أولويات الحفاظ على البيئة والصحة والسلامة العامة. كما إن الحكومة تعمل جاهدةً على إعطاء الاولوية لقطاع الطاقة في لبنان لما لهذا القطاع من تأثير مباشر على الاقتصاد الوطني، ونأمل في العام المقبل أن يكون عنوان مؤتمركم”لبنان بلد نفطي”.

وختم:”أتمنى لمؤتمركم النجاح والتوفيق وكلنا امل ان تبقى بيروت ملتقى اللقاءات الجامعة وشكرا لرئيس مجموعة “الاقتصاد والاعمال” الاستاذ رؤوف ابو زكي على جهوده. وفقكم الله”.

أبو الغيط

ثم القى الأمين العام لجامعة الدول العربية كلمة جاء  فيها: “إنه لمن دواعي سروري المشاركة في هذا المؤتمر الاقتصادي الهام  الذي يكتسب أهميته من حجم التحديات الراهنة التي تواجه لبنان،  وأيضاً من الآمال الكبار المعقودة على خطواته القادمة على مسار الإصلاح الاقتصادي والمالي، بخاصة بعد نجاحه في التوصل لاتفاق حول ترسيم حدوده البحرية الجنوبية، بما يسمح له باستغلال ثرواته الطبيعية، وزيادة دخله القومي بإضافة موارد جديدة. يُمكن أن تسهم على نحو فعّال في تلبية طموحات الشعب، لا سيما إن أُحسنت إدارتها”.

اضاف: “لستُ هنا في وارد تجميل الأمور أو رسم صورة وردية، فالوضع اللبناني، وكما نُتابع جميعاً، لا يزال أسيراً لدائرة حزينة من المعاناة والألم ولا يزال أسيراً للتدهور الاقتصادي والجمود السياسي. والجانبان يرتبطان برباطٍ وثيق، كما صار واضحاً لنا جميعاً، فتحقيق الانطلاق الاقتصادي مرهون بكسر الانسداد السياسي”.    

وتابع: “نحن صادقون مع الأصدقاء والأشقاء بقدر محبتنا لهم وتقديرنا لدورهم ومكانتهم. ومكانة لبنان كبيرة في العالم العربي كله، ومحبة لبنان راسخة في القلوب، والثقة كبيرة في أن اللبنانيين، الذين طالما أبهروا العالم بقدراتهم الفريدة وإمكاناتهم الهائلة في التغلب على المحن، قادرون على طي هذه الصفحة المؤلمة، وتجاوز الأزمة الحالية مهما استحكمت حلقاتها”.

واردف: “ليست الصعوبات الاقتصادية التي يمر بها لبنان بخافية على أحد، فآثارها واضحة للعيان، وتبعاتها الاجتماعية والإنسانية والأمنية تُثير القلق الشديد. ثمة تدهور خطير في الناتج المحلي الإجمالي، وفي قيمة العملة. وأغلبية الشعب اللبناني تناضل لكي لا تسقط في هوة الفقر، ومعدل البطالة يُلامس 30%، أي أن نحو ثلث قوة العمل مُعطلة، والصعوبات المعيشية تدفع بأفضل العقول الشابة إلى الهجرة بحثاً عن الفرصة في مكان آخر. وهذا –في واقع الأمر- هو أكثر ما يُقلق، ذلك أن ثروة لبنان الحقيقية –وبصرف النظر عن المصادر الجديدة من الوقود الأحفوري- تظل كامنة في شعبه وفي عقوله الشابة المُبدعة والمبادِرة. أقول هذا مع كامل الاقتناع بأهمية دور الاغتراب اللبناني في دعم مسيرة الوطن، وتعزيز حيويته الاقتصادية”.

واشار الى “ان الإصلاحات المطلوبة لإخراج لبنان من الأزمة لم تعد بخافية على أحد، والإصلاح لم يعد خياراً، وإنما ضرورة مُلحة لا تقبل التأجيل بخاصة في ضوء تفاقم أزمتي الغذاء والطاقة، وما يشهده الاقتصاد العالمي من انجراف متسارع نحو الركود التضخمي. إن هذه الأزمات، زادت من صعوبة الوضع في لبنان، وهي أيضاً باعثٌ قوي للإسراع بالإصلاح”.

وقال: “الخطوة الأولى إذا على “الطريق إلى النفط”، في تقديري وكما يشير عنوان مؤتمرنا اليوم، هي الإصلاح. ولكي يصل هذا الطريق إلى غايته المنشودة، من الانتعاش الاقتصادي والازدهار، فإن عملاً جاداً لا بد أن يُبذل على صعيد إصلاح النظام المالي والمصرفي وهيكلة الدين العام، بما يمكن من استعادة الثقة في النظام المصرفي، والحفاظ على حقوق المودعين وبخاصة من أصحاب الودائع الصغيرة، ووقف الانهيار في قيمة العملة المحلية”. 

واكد انه “يبقى من الضروري استكمال بنود الاتفاق الأولي الذي تم التوصل إليه مع صندوق النقد الدولي عبر إقرار القوانين اللازمة، تمهيداً للتوصل إلى اتفاق نهائي يسهم في تحقيق التعافي الاقتصادي ويفتح الطريق أمام تدفق أكبر للمساعدات الدولية”. وقال: “ولو جاز لي أن أصف في كلمة واحدة جوهر الإصلاحات المطلوبة، سواء في القطاع المالي أو في قطاعات حيوية أخرى مثل الكهرباء والصحة، فسأقول إنها “الثقة”. استعادة الثقة هو ما يحتاج إليه لبنان اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى. ثقة المستثمرين والداعمين من الأشقاء والأصدقاء في الإقليم وخارجه. وقبل ذلك كله ثقة الشعب اللبناني ذاته في الحكومة والقيادات السياسية وفي عزمها على السير في طريق الإصلاح إلى غايته. وهنا فإننا نُدرك جميعاً ما تنطوي عليه الأوضاع السياسية والدستورية من أهمية كبرى في استعادة الثقة ومن ثمّ الخروج من الأزمة”.

أضاف: “من هذا المنطلق أقول ان لبنان لا يتحمل شغوراً رئاسياً يطول أمده، لا يتحمل وضعه الاقتصادي أو الاجتماعي هذا الفراغ الذي يزعزع الثقة بدلاً من تعزيزها، ويؤثر سلباً على فرص التعافي الاقتصادي”.

وتابع: “لقد عاش لبنان الشغور الرئاسي من قبل، في ظل أوضاع اقتصادية مختلفة تماماً. وتعامل السياسيون اللبنانيون معه بما هو معهود عنهم من ابداعٍ في فنون السياسة وبناء التوافقات. على أن الأزمة الحالية ليست كسابقاتها، والسياق الذي نعيشه اليوم غير مسبوق في ضغوطاته وتحدياته ولا ينبغي التعامل مع الوضع الحالي بوصفه مساراً طبيعياً، أو حالة اعتيادية يُمكن تمديدها إلى ما لا نهاية، بل يتعين الإسراع بإنهاء الشغور عبر انتخاب رئيس جديد للجمهورية يكون مُعبراً عن اللبنانيين، بكافة أطيافهم وانتماءاتهم السياسية والحزبية وعنواناً على وحدة البلاد وعلامة على استعادة الثقة”.

وقال: “من هنا، فإنني أُناشد مختلف القيادات السياسية اللبنانية الالتفات إلى خطورة اللحظة التي يمر بها البلد وسط ظرف دولي مضطرب يفرض على المجتمع الدولي قائمة أولوياتٍ مزدحمة. إن هذا الظرف ذاته يفرض على الأفرقاء تجاوز كل الانقسامات واحتواءها ويحتم على الجميع وضع المصلحة اللبنانية فوق كل اعتبار”. 

واكد “ان قنوات الحوار يتعين ان تبقى مفتوحة ومباشرة بين جميع القوى والتيارات السياسية، والجامعة العربية على أتم الاستعداد للقيام بما يُطلب منها في هذا الصدد. فانسداد الحوار واستسهال التمترس خلف المواقف لتمرير الوقت، لا يُمثل استراتيجية ناجعة لمعالجة الانسداد القائم”.

وقال: “إن الحفاظ على السلم الأهلي والأمن في لبنان واجبٌ على كل لبناني في هذه الظروف الدقيقة، وفي ظل دور الجيش، كمؤسسة وطنية جامعة، محورياً في صيانة أمن هذا البلد، وفي ظل اتفاق الطائف، عقداً وطنياً لا غِنى عنه للاستقرار وسياجاً حامياً للسلم الأهلي في لبنان بكل مكوناته وطوائفه. حمى الله بلدكم العزيز من كل سوء أو شر، وهيأ له سبيل التقدم والازدهار”.

ناس  

من جهته، أكد رئيس اتحاد الغرف العربية رئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين “أن القطاع الخاص العربي والخليجي، يقف إلى جانب نظيره اللبناني، حتى يستعيد الاقتصاد اللبناني عافيته”، مشيراً إلى  “ان الحضور العربي في المنتدى، يهدف إلى دعم مسار التعافي والإصلاح الاقتصادي، والمساهمة في دفع مسيرة الاستقرار والنمو في لبنان”، متعهداً “العمل على تشجيع وتحفيز عودة الاستثمارات، خصوصاً وأن لبنان يزخر بالإمكانات والموارد البشرية والطبيعية والمشاريع المنتجة، بالإضافة إلى الموقع الاستراتيجي الذي يؤهله لأن يكون مركزاً لوجستيا لحركة التجارة عربياً، وإقليمياً، ودولياً”.

وشدد على “ضرورة العمل لإخراج لبنان من النفق، والعمل على تجديد الثقة باقتصاده والعمل على عودته إلى خارطة الدول المزدهرة”، مؤكداً “دعم القطاع الخاص العربي للبنان وتقديم كل ما من شأنه تحقيق ذلك”. 

واعتبر “أنّ إنجاز اتفاق ترسيم الحدود البحرية، يشكل رافعة للنهوض من حال الانهيار واستعادة الثقة المحلية والعربية والدولية بالاقتصاد اللبناني، على الرغم من أنّ الفوائد المحتملة لا تلغي أهمية المضي في مسار الإصلاحات التي لا بد للبنان القيام بها في أسرع وقت، وفقا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي”. ورأى “أن منتدى الاقتصاد العربي يشكل بارقة أمل لعودة لبنان إلى تألقه بخطوات ثابتة وواثقة، ونأمل الإسراع باتخاذ كل ما يلزم من الإصلاحات المطلوبة لاستعادة الثقة”. 

شقير  

بدوره، أشاد رئيس الهيئات الاقتصادية اللبنانية بـ”التطورات الهائلة الجارية في الدول الخليجية الشقيقة، إن كان على مستوى دورها أو على مستوى الإنجازات الباهرة والتقدم المحقق في مختلف المجالات، ما جعلها لاعباً أساسياً في الاقتصاد العالمي وقاطرة للنمو في المنطقة”.

واشار إلى أن “ما يعزز هذا التوجه، توقيع المملكة العربية السعودية مؤخراً 34 اتفاقية اقتصادية استراتيجية مع الصين بقيمة 30 مليار دولار، في حدث تاريخي استثنائي سيكون له تأثير إيجابي كبير في المسار الاقتصادي والدور الإقليمي والدولي للمملكة. وأيضاً الحدث الاستثنائي الثاني، يتمثل بمونديال قطر 2022”. 

واقترح شقير “إعداد مؤتمر استثنائي لمنتدى الاقتصاد العربي يكون موضوعه: الطريق الى شرق أوسط جديد، استجابة لتطلعات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، بهدف وضع خارطة طريق للوصول الى الأهداف المرجوة”. وقال: “من مسؤوليتنا كقطاع خاص أيضاً أن نصب تركيزنا وجهودنا على التشبيك بين اقتصادات الدول العربية غير الخليجية وبين اقتصادات الدول الخليجية لترسيخ وتوسيع النشاط الاقتصادي وزيادة النمو وتعميم الفائدة والازدهار”.

وأوضح شقير أن “لبنان بدأ فعلياً السير على الطريق الى النفط، خصوصاً وأن كل المعطيات تؤكد أن التقدم على هذا المسار حاصل، إن كان بالنسبة للاستكشاف حيث أعلنت شركة توتال أنها ستبدأ عملية الحفر مطلع النصف الثاني من العام 2023، في حين أن الدراسات والمسوحات التي أُجرِيَت تظهر وجود مكامن نفط وغاز في مياهنا الإقليمية”.

ودعا القطاع الخاص العربي، “للاطلاع على الفرص المتاحة في لبنان في مجال النفط والغاز والدخول في استثمارات مباشرة وبشراكة مع القطاع الخاص اللبناني، في هذا القطاع الواعد، خصوصاً أنه مع اكتشاف الغاز، ستكون المتطلبات كبيرة وهي تتعلق بالبنى التحتية للاستخراج والتخزين والتوزيع والإمداد فضلاً عن الأمور اللوجستية وغير ذلك”.

أبو زكي 

من جهته، استهل الرئيس التنفيذي لمجموعة “الاقتصاد والأعمال” كلمته بلمحة عن المنتدى بعد توقف قسري فرضته جائحة كورونا وظروف لبنان المعقدة، مشيراً إلى أن المنتدى “استقطب على مدى السنوات الماضية معظم رؤساء الحكومات من دول المنطقة، وهيئات التمويل العربية والدولية ورؤساء المصارف والمستثمرين العرب والدوليين”. وقال:” هنا نحن نعود مع “فينيسيا”، وكأن هناك ما يشبه التلازم بين المنتدى والفندق”، معتبراً أنهما “يشكلان رمزية للاستثمار والنهوض في لبنان”. 

ولفت أبوزكي الى أنه “لم يكن لهذا المنتدى أن يعود وينعقد لو لم تبرز بوادر إيجابية في لبنان، انطلاقاً من ترسيم الحدود البحرية وإمكانية استخراج النفط والغاز”. وقال:” نعود اليوم مع تباشير الطاقة وتشجيع من دولة الرئيس نجيب ميقاتي، والذي عايش ولادة هذا المنتدى، بل وعايش تجربة مجلة ومجموعة “الاقتصاد والأعمال”، ونحن هناك معاً يا دولة الرئيس نحارب السلبيات بالإيجابيات، ونحارب الإحباط بالتفاؤل، ونحارب الفئويات بجمع الناس كل الناس، وبجمع اللبنانيين مع اللبنانيين، وبجمع العرب مع من تبقى من أصدقاء للبنان من العرب وغير العرب”. 

وخلص أبوزكي إلى القول: “بالطبع، لا نستطيع أن نتفاءل وحدنا، بل نحن جزء من هذا القطاع الخاص اللبناني المتضرر والمقاوم والذي بمثابة طائر الفنيق”.

وأوضح “أن الاستثمارات في لبنان لم تتوقف، رغم الانهيار المصرفي والنقدي والاقتصادي”، مشيراً إلى “أن الصناعات في مجالات كثيرة تكبر والصادرات تزداد والتحويلات مستمرة، لكن المؤسف هو عدم انتخاب رئيس وتشكيل حكومة”. 

وقال: “ان العالم يدعونا إلى الإصلاح ليمد لنا يد الدعم والمساعدة”، معتبراً أن “بذرة التغيير زرعت وستزدهر وعنوانها الأصغر هو نواب التغيير، لكن التغيير الأهم هو ما بات يعتمل في نفوس الأجيال الجديدة من غضب ونقمة وتحضير لانتفاضة وطنية شاملة، إذا لم تعد الأوضاع إلى طبيعتها”. 

ولفت أبوزكي الى “ان كل محور وارد في برنامج المؤتمر يحتاج إلى مؤتمر مستقل”، كاشفاً أن مجموعة “الاقتصاد والاعمال” ستنظم 3 مؤتمرات في العام المقبل: الأول يتناول شؤون الطاقة في شهر أيار المقبل. والثاني، حول مستقبل الاقتصاد اللبناني بشكل عام والاقتصاد الاغترابي بشكل خاص، بالنظر إلى كون المغتربين من الركائز الأساسية لاقتصاد وازدهار لبنان وتحويلاتهم تناهز 40 في المئة من الاقتصاد، على أن في النصف الثاني من شهر حزيران/يونيو المقبل. أما المؤتمر الثالث، فهو الدورة الـ 29 من منتدى الاقتصاد العربي” وسيعقد بعد ذلك. 

وختم بالقول: “إن مجموعتنا وكما كانت خلية نحل لا تهدأ في لبنان والخارج قبل كورونا، ستعود منصة لبنانية عربية دائمة لتلاقي قيادات الاعمال، حاملة لواء النهوض والاستثمار في البلدان العربية وما بين البلدان العربية”، مشيراً إلى أن “في برنامج المجموعة أيضاً مؤتمرات في كل من الجزائر، الكويت، البحرين، مصر، العراق، الأردن، جيبوتي وغيرها من الدول”.                             

تكريم  

وكان الرئيس ميقاتي موضع تكريم من قبل مجموعة الاقتصاد والاعمال وغرفة تجارة وصناعة سلطنة عمان وغرفة بغداد. كما شهد المنتدى تكريم رئيس الغرف التجارية المصرية في الإسكندرية أحمد الوكيل الذي يعد أحد رواد العمل العربي المشترك، ورئيس اتحاد الغرف العربية ورئيس غرفة تجارة وصناعة البحرين  سمير ناس .

بيان

 ووزع  منتدى الاقتصاد والاعمال بيانا اعتبر فيه “ان هذا  المنتدى يكتسب أهمية خاصة، سواء من حيث توقيت انعقاده أو مضمونه، خصوصاً وأنه شكل بارقة أمل لخروج لبنان من أزمته، إذ شكل حضور أمين عام جامعة الدول العربية الدكتور أحمد أبو الغيط تأكيدا للاحتضان العربي للبنان، في حين أكد الحضور الحاشد للقطاعين الخاص اللبناني والعربي الايمان بالفرص المستقبلية في لبنان. كذلك، شكل حضور مجالس الأعمال اللبنانية في الاغتراب، أهمية دور الاغتراب في تحريك العجلة الاقتصادية. وأجمع المتحدثون على أهمية استمرار انعقاد المؤتمرات الاقتصادية كمنصة للتفاعل اللبناني والعربي”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *