محفوظ: الهاجس الأميركي هو الصين ولا حسابات لبنانية ولا رؤية للحاضر وللمستقبل إنما انتظار ما يقرره القدر
أشار رئيس المجلس الوطني للاعلام المرئي والمسموع عبد الهادي محفوظ، في بيان، الى عبارة لنابليون بونابرت ’’دعوا الصين نائمة لأنها عندما تستفيق يخاف العالم‘‘، معتبرا انها “عبارة فيها شيء من النبوءة”.
وسأل: “أي عالم هو الذي يخاف من استفاقة الصين؟، بالطبع المقصود بـ’’العالم‘‘ هو عالم الدول القوية التي تخشى من صعود الصين وفي الطليعة الولايات المتحدة الأميركية التي تسعى لإرساء ’’عالم القطبية الواحدة‘‘ التي هي على رأسه. ومن هنا تحاول حشد الناتو ودول كثيرة أخرى تحت عنوان أوكرانيا. ظاهريا الهدف من هذا الحشد هو إضعاف روسيا. وفعليا المقصود هو الصين التي تحاول واشنطن تأخير نهوضها التام وخصوصا أن هناك مفكرين أميركيين كبارا يعتبرون أن الصعود الصيني بات قريبا على حساب النفوذ الأميركي. وهؤلاء يرون مؤشرات كثيرة على ذلك منها الإنقسام الحاد بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي وداخل كل حزب ونزعة الإستقلالية المستجدة داخل الولايات وبروز شكوك حول وحدة المجتمع الأميركي خصوصا وأن هناك اعتراضات لدى غلاة البيض من تنامي دور دول ’’ذوي اللون الأسود‘‘ ومن التساهل مع المهجرين ومن كون ’’العولمة‘‘ كسرت الحدود أمام المنافسة الاقتصادية الصينية. بل هناك من يتخوف من احتمال حرب أهلية أميركية”.
ورأى انه “حاليا، قد تكون الولايات المتحدة الأميركية والصين الدولتين الوحيدتين اللتين ترسمان سياسات بعيدة تصل إلى أبعد من خمسين سنة. واشنطن تتبع سياسات الضغوط الاقتصادية والعسكرية وتعزيز موقعها في ’’الدائرة الصينية‘‘. وعلى الصعيد العالمي تعزز قبضتها العسكرية وتُنشئ الأحلاف وتستتبع أوروبا وتسلبها قرارها المستقل. وفي العالم العربي تشجع سياسات التفتت والخلافات بين دوله وداخل هذه الدول وترسم ’’سياسات ابراهيمية‘‘ هدفها ارساء قواعد جديدة في الشرق الأوسط تكون ظاهرها تطبيع وضع اسرائيل في المنطقة”.
ولفت الى ان “واشنطن تعتبر منذ نهاية القرن الماضي أن تركيا وايران واسرائيل دول تحاول أن توسع نفوذها في المحيط بحثا عن دور اقليمي فاعل ومؤثر، وهذا ما لا يناسب المصالح الأميركية، ما يجعل واشنطن تستهدف نفوذ هذه الدول الثلاث. ومن هنا ترمي واشنطن سلاح الأقليات في هذه الدول الثلاث فتخلق أوضاعا كردية وإتنية في كل من ايران وتركيا. ولا تعترف لاسرائيل بشطب المعادلة الفلسطينية وتعترض على السياسات الاسرائيلية اليمينية المتطرفة ولا توفر غطاء فعليا لها. لكن هذه الدول الثلاث بدورها تحاول الإستفادة من الحرب الروسية – الأوكرانية لحماية أوضاعها وتثير إشكالات فيها الكثير من الاعتراض على السياسة الأميركية لا تصل إلى حد التناقض”.
واعلن “إذا كانت الولايات المتحدة مستعجلة إلى تثبيت سياساتها الدولية حتى ولو استدعى ذلك تدخلات عسكرية حاليا مكلفة لا تودي إلى حروب نووية، فإن الصين تراهن على امتلاكها اقتصادا قويا، وعلى المنافسة الخارجية، وعلى مساعداتها للدول النامية، وعلى دور التهدئة الذي تمارسه، وعلى سياسة النفس الطويل الذي ورثته عن مؤسس دولتها الحديثة ماو تسي تونغ، وعلى تطبيع علاقاتها بالدول الجارة وخصوصا أفغانستان التي كلفت الولايات المتحدة الأميركية مئات المليارات وخرجت منها خاسرة. وهذا النموذح من السياسة الصينية نصحت به بكين طهران لاتباع سياسة تحسين علاقاتها بدول الجوار وتحديدا السعودية ودول الخليج للحؤول دون سياسات التطويق الأميركية للصين وايران معا. في كل الأحوال الهاجس الأميركي هو الصين”.
واكد انه “أيا يكن الأمر، فان دول العالم قاطبة تخشى من ’’أحادية القطب الأميركية‘‘ التي تتضرر منها حتى الدول الحليفة لأميركا كالدول الاوروبية مثلا ودول الخليج بما فيها المملكة العربية السعودية وتركيا وحتى ايران التي ستلجأ إلى الربط مع الصين وروسيا هذا أولا. وثانيا خشية عامة من الخصوم والحلفاء من مستقبل العالم الغامض من الصعود الصيني وهي خشية فيها الكثير من الإلتباس تحقيقا لفكرة للفيلسوف الألماني هيغل تتقاطع مع ما ذهب إليه نابليون بونابرت. وهي الفكرة القائلة ’’احذروا الشعب الآري‘‘. بالطبع هذا لا يخص الصين”.
وختم: “ما هي الحسابات اللبنانية في هذا المجال؟ لا حسابات ولا رؤية لا للحاضر ولا للمستقبل. وإنما انتظار ما يقرره القدر والسبب فلسفة الإنقسام المسيطرة التي تعدم أي إرادة لبنانية واحدة”.