كتاب جديد للفنان علي العلي بعنوان” جماليات المكان حيزا وفضاء”
أقيم في كلية الفنون الجميلة والعمارة – في الجامعة اللبنانية – الفرع الثالث في “المون ميشال” ندوة حول كتاب “جماليات المكان حيزا وفضاء” رؤى ومفاهيم في التشكيل الفني لمؤلفه الدكتور علي العلي المدير الاسبق للكلية، وذلك بدعوة من “مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية” و “مركز البحوث والتنمية المستدامة” و “كلية الفنون الفرع الثالث.
حضر الإحتفال كمال زيادة ممثلا النائب اللواء اشرف ريفي، الرئيس السابق لبلدية الميناء عبد القادر علم الدين، ومثلت مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية نادين جبور ، مدير الكلية الدكتور حسان الصمد والمديرون السابقون الدكتور عصام عبيد، الدكتور ناصر الحسين، مديرة مركز الترميم والحفاظ على الأوابد التاريخية الدكتورة صونيا القرعان صوالحي، وحشد من رؤساء الأقسام وأعضاء الهيئة التعليمية في الكلية وطلاب الجامعة اللبنانية.
توما
بداية، النشيد الوطني، وكلمة تقديم من الدكتور والأديب جان توما قال فيها: “منذ أن تحول العالم إلى قرية صغيرة وصارت الدول حارات للسكن، ولما صار البعيد عنك قريبا بالتقنية الإيجابية والقريب منك بعيدا بالتقنية السلبية إنعزالا وإنزواء، منذ صار هذا المشهد صارت الفضاءات مطلب الراغبين بالبحث عن عالم جديد وأرض جديدة وسماء جديدة”.
واضاف: “هذه الفضاءات سبقنا إليها الدكتور علي العلي مستشرفا العوالم الآتية تعويضا عن الجفاف هنا، فالفن عنده مرافق للفلسفة إن لم يكن الفلسفة. من هنا كما أن المركبة الصاعدة إلى السماء هي كوكب أرضي صغير فيها مكونات العيش كما على الأرض، يأتي كتاب علي العلي “جماليات المكان حيزا وفضاء: رؤى ومفاهيم في التشكيل الفني”.
الحلوة
ثم تحدث رئيس الإتحاد الفلسفي العربي الدكتور مصطفى الحلوة فقال: “في مستهل المراجعة النقدية التي قدمتها منذ سنوات ست لباكورة أعمال الدكتور علي العلي البحثية “الأنثى.. نواة الفن الأولى” طرحت السؤال الآتي: هل قدر الفنان التشكيلي أن يديم البقاء في شرنقة مرسمه يجيئنا بلوحة تلو لوحة نصفق له حينا ونقلب الشفاه حينا آخر ، ولتبقى معزوفة الترقيم مترجحة على إيقاع إعجاب وعلى إيقاع إنكار إلى أن يجف حبر الريشة بين يديه؟”.
وقال: “مع الأنثى: نواة الفن الأولى وهو مشروعه البحثي لحيازة الدكتوراه كان الفصل الأول من تلك المغامرة الشاقة والشائقة في آن. وفي فصل ثان بعد إعداد عدته المعرفية ولم تكن ثمة هدنة محارب، ها هو اليوم يستكمل مغامرته فيأتينا بهذا المؤلف، وفي مراجعتي النقدية آنفة الذكر قلت أنه كتاب مرجع في بابه يتسم بالإبتكار والجدة ولعلي عبر هذا التقديم قديمه وجديده، أتقاطع مع الباحثة المجدة الدكتورة إلهام كلاب التي لفتت في تقديمها هذا الكتاب إلى الأصالة التي يتميز بها باحثنا فرأت أن عليا يجترح دروبه الفنية والفكرية مجانبا الدروب المطروقة المسارات التقليدية المتكررة بحثا عن نافذة لا تزال مغلقة في خفايا الإبداعات الفنية”.
وتابع: “توزع البحث على قسمين إتخذ القسم الأول كعنوان رئيسي: “المكان والعبارات الرديفة” وعناوين فرعية، أما القسم الثاني فإندرج تحت عنوان: “المكان، حيزا وفضاء في التشكيل الفني” وعبر نظرة فاحصة إلى قسمي الكتاب يتبين أن القسم الأول حال الإستفاضة فيه يصلح أن يكون كتابا مستقلا قائما بذاته علما أن الباحث جعل من هذا القسم الأرضية التي إنبنت عليها عمارة القسم الثاني الذي يجسد الجانب العملاني التطبيقي للبحث”.
وختم: “قليلون هم الذين إمتلكوا الرؤيا والإرادة والعزم فراحوا تصعيدا إلى القمم ، والصديق علي العلي كما عايشته وكما واكبته في ثلاثة من مؤلفاته هو من اؤلئك الذين لم يرتضوا من القمم بديلا، وسمة علي التميز في كل ما يقدم عليه وما يفعل ولاسيما في إطار تخصصه، فقد إختار السبيل الصعب في مؤلفه هذا الذي وإن بدا صغيرا حجما ففعله جد عظيم وفيه فائدة للمشتغلين بالفنون التشكيلية لاسيما الطلبة”.
العلي
ثم تحدثت الدكتورة نادين العلي فقالت: “بداية يسرني ان أشارك في ندوة الدكتور علي العلي وهو استاذي عندما كنت طالبة في معهد الفنون، و مديرا عندما دخلت استاذة متعاقدة وزميلا و صديقا اعتز بصداقته و صدقه . كما أريد أن أعبر عن سعادتي الكبيرة في عودة الحياة و لو بشكل بسيط الى الجامعة اللبنانية بعد الاستهداف الذي طالها لتدميرها وها هي اليوم بفضل همم القيمين عليها تعود لتأخذ نفسا صعبا يخولها من حفظ الروح و ابعاد الموت باعادة محاولة استنشاق نفس أطول و أعمق”.
أضافت: “اما موضوعنا اليوم يعالج مسألة الثلاثي، الفضاء والحيز والمكان و هو تحت عنوان جماليات المكان حيزا و فضاء – رؤى و مفاهيم في التشكيل الفني.
أمّا النشر فهو لمؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية ، وهنا لا بد من الوقوف عندالحفيد المميز و الداعم لكل المبادرات الثقافية و الناشر لأهم الباحثين و المثقفين وأعني الدكتور سابا قيصر زريق الحفيد”.
وقالت:” أما بعد عندما كنا طلابا في معهد الفنون (رسم و تصوير) كانت جميع المصطلحات المرتبطة بالفراغ أوالفضاء أو الحيز متداخلة وضائعة وهذا الخطأ لا يمكن تجاهله، لأن الحيز ليس فضاء. فالفضاء مسألة ذهنية، بخاصة بعلاقتها باللعبة الإبداعية، في جميع الفنون بما فيها الشعر والموسيقى والرواية، والفضاء صفته شمولية، وهذه الشمولية فيها الأمكنة، تتسكع بداخله،المسافة بين مكان والآخر هي الحيز. من هنا نستنتج أن الأمكنة زائد الحيز يساوي الفضاء. لكن الحيز هو جزء من الفضاء وليس الفضاء نفسه. وهذا يعني انه بالنسبة للفنان التشكيلي اللوحة البيضاء هي فضاء اللوحة”.
أضافت: “اذا افترضنا اننا نتكلم عن الشعر، الورقة البيضاء هي فضاء القصيدة، كل بيت شعر هو مكان في هذه القصيدة، كل كلمة من البيت هي المكان في هذا البيت، أما المسافة بين بيت وبيت هي الحيز. في الموسيقى ، فضاء المعزوفة الموسيقية هو شموليتها، ماذا تشمل؟ كل ميلودي هي مكان في فضائها. يعني مسألة الفضاء هي مسألة ذهنية”.
وختمت:” أما ما اريد أن اؤكده بوضوح هذا الكتاب يجب أن يكون مرجعا موجودا في مكتبة كل طالب في كلية الفنون لما يختزنه ليس فقط من معلومات و لكن من تحديد ضروري لمفاهيم وقيم هندسية و فنية و يمكن القول إن المصطلحات ما قبل كتاب علي العلي ليست كما بعده ،هذا انطلاقا من شخصية الكاتب الذي يحب تحديد الأمور، ويضع كل شيء بمكانه”.
في الختام شكر الكاتب والفنان الدكتور علي العلي المتحدثين والمشاركين في حضور هذا اللقاء من مديرين وأساتذة وموظفين وطلاب ،كما توجه بالشكر إلى مؤسسة شاعر الفيحاء سابا زريق الثقافية التي “لولاها لما أبصر كتابي النور”. وقال: “لقد أثبت هذا اللقاء وفي هذا الوقت تحديدا أن الجامعة اللبنانية بالرغم من الظروف التي مرت بها ما تزال قادرة على الإستمرار وتخطي الصعوبات والعبور إلى مستقبل زاهر نتمناه لطلابنا وطالباتنا”.
وفي الختام، وقع الدكتور العلي مؤلفه للحضور.