الساحة اللبنانية

خيرالله ترأس قداسا في جامعة العائلة المقدسة : واجب الكنيسة توفير تنشئة مسيحية معمّقة للمؤمنين

 ترأس راعي أبرشية البترون المارونية المطران منير خيرالله القداس الذي دعت إليه إدارة معهد التثقيف الديني وطلابه في الأبرشية، في مناسبة إفتتاح السنة الدراسية 2022 – 2023، في جامعة العائلة المقدسة، عاونه فيه نائبه العام المونسنيور بيار طانيوس، مدير المعهد الخوري إيلي سعاده وعدد من كهنة الأبرشية والمدرسين في المعهد.

عظة

وبعد الإنجيل، ألقى المطران خيرالله عظة قال فيها: “نفتتح معكم اليوم بفرح كبير السنة الدراسية 2022-2023 في معهد التثقيف الديني في أبرشية البترون. ويتضاعف فرحنا فيما نعيد افتتاح هذا المعهد بعد أعوام من التوقف القسري؛ وكان قد تأسس مع المثلث الرحمة المطران رولان أبو جوده النائب البطريركي العام عام 1979 وتسلَّم إدارته الخوري يوسف ضرغام، مطران القاهرة في ما بعد. 

إعادة إحياء معهد التثقيف الديني جاءت استجابةً لطلب أبناء الأبرشية وبناتها الذين وعوا أهمية التنشئة المسيحية التي فيها نتعمّق بقراءة كلمة الله وتعاليم الكنيسة وفهمها، وتلبيةً لتوصيات المجمع البطريركي الماروني ومجمعنا الأبرشي ومسيرة سينودس الأساقفة من أجل كنيسة سينودسية، في سبيل تنشئة موحّدة للكوادر والمسؤولين والعاملين في مختلف قطاعات الأبرشية الكنسية والرعائية والرسولية”. 

وأضاف: “لا بدّ أن نبدأ بتقديم الشكر الى الله عن أخينا الخوري إيلي سعادة مدير المعهد الذي بذل جهودًا كبيرة لإطلاق المعهد على رغم من التحديات والصعوبات الجمّة، وعن أخينا الخوري بيار صعب خادم رعية البترون الذي قدّم التضحيات في سبيل توفير المكان واللوازم الضرورية لاستقبال الوافدين، وعن راهبات العائلة المقدسة لاستقبالهن لنا في هذا الصرح الجامعي الذي استقبَلَنا طوال مسيرة مجمعنا الأبرشي. 

وقد فوجئنا بالعدد الكبير من الطلاب المسجّلين، وهم آتون من خبرة كنسية في الرعايا والجماعات والمنظمات والحركات الكنسية ومن كل المستويات ومن كل الأعمار، مع أن العدد الأكبر هم من الشبان والصبايا”. 

وتابع: “إهتمامنا بهذا المعهد وتشجيعنا لطلابه ينطلق من واجب الكنيسة في توفير تنشئة مسيحية معمّقة للمؤمنين المعمّدين، إكليروسًا وعلمانيين، في سبيل التزام أكبر في الكنيسة والمجتمع بتحمّل المسؤولية التي يوليها سرّ المعمودية لحمل بشارة الخلاص وتحقيق ملكوت الله. 

وكنيستنا المارونية، منذ نشأتها، تولي أهمية للتنشئة المسيحية للاكليروس والعلمانيين. وكان لمدرسة « تحت السنديانة »، التي كان يديرها كاهن الرعية، دور في جمع الأولاد والكبار وتعليمهم مبادئ الإيمان المسيحي واللغات لا سيما السريانية والعربية. 

وجاء المجمع اللبناني عام 1736، الذي أطلق الكنيسة المارونية في حركة نهضوية تتجاوب مع الحداثة الآتية من الغرب بفضل المجمع التريرنتيني لإصلاح الكنيسة والمجتمع، ليأمر بإلزامية التعليم للصبيان والبنات وفتح المدارس في الأديار والرعايا والكاتدرائيات وانتشار الثقافة والعلم وتعزيز دور الاكليروس والعلمانيين في القيام بدورهم في الكنيسة كما في المجتمع. 

وفي بداية القرن الحادي والعشرين، وبعد تشجيع المجمع الفاتيكاني الثاني للكنائس في العالم، وتشجيع البابا القديس يوحنا بولس الثاني لكنيستنا في لبنان في إرشاده الرسولي «رجاء جديد للبنان» عام 1997 الذي شدَّد على « أهمية توفير التنشئة للمؤمنين العلمانيين بعد التعبير عن رغبتهم في الاشتراك الفاعل والمسؤول في الحياة الكنسية » (عدد 45)، 

انعقد المجمع البطريركي الماروني (2003-2006) بهدف التجدّد الكنسي في الأشخاص والمؤسسات والهيكليات، وأوصى « بالاهتمام الجدّي بالتنشئة »، آمرًا بأن: 

« – تعمل الكنيسة على توفير تنشئة مستمرة لأنها تخدم النضوج في الإيمان. 

– وأن تجهد لكي تكون التنشئة متنامية تسعى إلى تثمير الرباط بالمعمودية، وإلى شخصنة الإيمان، وإلى التغيير الداخلي والعمل الجدّي والجهوز لتقبّل هبات الروح القدس، وتفعيل هذه المواهب في حياة الإيمان ». 

وأن تُعتمد في التنشئة 4 سبل أساسية: 

1- الإصغاء الواعي والديناميكي والطيّع لكلمة الله وتعاليم الكنيسة، 

2- مزاولة الصلاة الفردية والجماعية، 

3- الإرشاد الروحي، 

4- التمييز الروحي . 

وأن تتضمّن التنشئة أبعادًا مهمة مثل: التعرف إلى الحياة الروحية، التمكّن من العقيدة المسيحية ومواكبة تعاليم الكنيسة الجامعة والإرشادات الرسولية وبيانات البطاركة الكاثوليك ومجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك، والنظرة المسيحية إلى المسائل الاجتماعية بحسب تعاليم الكنيسة الاجتماعي، والتركيز على الانفتاح المسكوني وعلى الحوار المسيحي- الإسلامي. 

وا ن يكون دور كاهن الرعية طليعيًا وأساسيًا في توفير التنشئة والتوجيه لأولاد رعيته ». (راجع النص التاسع، العلمانيون، عدد 33، ص 335-336). 

أما مجمعنا الأبرشي البتروني الذي عقدناه بين 2013 و2019 وشارك فيه إكليروس الأبرشية وعلمانيون، رجالاً ونساءً، من مختلف القطاعات، فأكّد ما يطالبون به، وبخاصة الشباب منهم، موصيًا: « بتنشئة روحية وإنسانية، نظرية وتطبيقية، متكاملة، وخصوصًا للكوادر، ومشدّدًا على مركزية الكتاب المقدس، مفنّدًا ذلك كما يلي: 

« 1- تنشئة بيبلية، 

2- تنشئة تعليمية على جملة موضوعات أساسية إيمانية وإنسانية تثقيفية وعملية تطبيقية وإدارية، 

3- تنشئة على تعليم الكنيسة الاجتماعي وعيش أسسه وتطبيقاته، 

4- تنشئة على الحوار المسيحي – الإسلامي وخصوصية لبنان الرسالة والقيمة الحضارية، 

5- التنشئة على فنّ التمييز كأسلوب حياة ». (راجع النص السادس، ص 135-136)”. 

وقال: “نحن واعون اليوم أن إحياء معهد التثقيف الديني يلبّي حاجةً ملحّة لدى أبناء أبرشيتنا وبناتها، وخصوصا العلمانيين والشبان والصبايا منهم، لأنهم يشعرون بضرورة التنشئة من أجل التعمّق في إيمانهم والتجذّر في تراثهم والوعي الكامل لهوّيتهم والالتزام الجدّي لانتمائهم الكنسي والمجتمعي والوطني اللبناني”. 

وختم: “إننا إذ نتمنى النجاح لهذا المعهد في رسالة التعليم في أبرشيتنا، أبرشية القديسين، والالتزام الجدّي لطلابه في تحصيل الثقافة والعلم، نجدّد تقديم الشكر الى الله، الآب والابن والروح القدس، ونوكل مسيرتنا التعليمية إلى المعلّم الإلهي يسوع المسيح ونقول له مع سمعان بطرس: « يا رب، إلى من نذهب كلام الحياة الأبدية عندك”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *