المقاومة عقيدة… لا شعار
بقلم فاطمه بشير اللبابيدي
في زمن تتلاشى فيه المبادئ أمام المصالح، وتُرفع الشعارات أكثر مما تُمارس، تظل المقاومة واحدة من أعظم المفاهيم التي تحتاج إلى إعادة فهم وتثبيت. فالمقاومة ليست كلمة تُرفع في المسيرات أو شعاراً يُكتب على اللافتات، بل عقيدة راسخة تنبع من الإيمان العميق بالحق، والرفض القاطع للظلم، والاستعداد للتضحية في سبيل الحرية والكرامة.
المقاومة فطرة قبل أن تكون خياراً
الإنسان بطبعه يرفض القهر، ويثور على الظلم، ويحنّ للعدل. لذلك، فإن المقاومة ليست بدعة، ولا تطرفاً، بل استجابة طبيعية للفطرة التي أودعها الله فينا. والمجتمع الذي يُربى على الذل لا يمكن أن يعيش حراً، بينما المجتمع الذي يؤمن بأن الكرامة لا تُوهب بل تُنتزع، هو مجتمع مقاوم، حتى وإن سُلب السلاح.
المقاومة لا تُختزل في البندقية فقط
قد يظن البعض أن المقاومة تعني القتال فحسب، لكن الحقيقة أوسع وأعمق. فالمعلم المقاوم من يزرع الوعي في عقول طلابه، والكاتب المقاوم من يكتب كلمة الحق، والطبيب المقاوم من يُداوي الجرحى تحت القصف، والأم المقاومة من تربي أبناءها على حب الوطن والدفاع عن الحق.
عقيدة لا تتغير بتغير الظروف
الذين يتخلون عن المقاومة عند تغير المعادلات السياسية أو عند ضعف الحليف وسقوط الدعم، هم أصلاً لم يحملوها كعقيدة، بل كشعار مؤقت. أما من يثبت على المبدأ، ولو كلّفه ذلك عزلة أو حصاراً أو تشويهاً، فهو المؤمن حقاً بأن المقاومة ليست أداة، بل منهج حياة.
مقاومة اليوم هي إرث الغد
حين ندافع عن الأرض، عن المسجد، عن الأسرى، عن الهوية… فإننا لا نفعل ذلك لأجل أنفسنا فقط، بل نيابة عن أجيال لم تولد بعد. هذه هي العقيدة: أن تنظر لما بعدك، وأن تؤمن أن بذور اليوم ستثمر نصر الغد، ولو بعد حين.
خاتمة
المقاومة عقيدة لا يمحوها الاحتلال، ولا يضعفها الحصار، ولا يسقطها الإعلام المضلل. هي جذور ضاربة في الأرض، ورايات مرفوعة في السماء، وحياة تليق بالأحرار. وكما قيل: نموت واقفين، ولا نعيش راكعين.