“الأونروا” تبدأ عامها الدراسي منتصف أيلول الجاري بثلاث تحديات رئيسيّة
فيما تتهدد تداعيات الازمة الاقتصادية العام الدراسي الجديد في المدارس الرسمية اللبنانية على وقع اضراب المعلمين، الذين يطالبون بزيادة رواتبهم وتحسين ظروفهم المعيشية لتتناسب مع الغلاء وارتفاع الاسعار وكلفة التنقل، قرّرت وكالة “الاونروا” في لبنان فتح أبواب مدارسها امام طلابها في 15 ايلول الجاري وبشكل حضوري لتواجه تحدّيات كبيرة، وبعد جدل حول امكانية ان يكون التعليم عن بعد او مناصفة بينهما وتأمين كل متطلبات ان يكون عاما ناجحا وآمنا.
وأكدت مصادر تربوية فلسطينية لـ”النشرة”، ان “الاونروا” قررت العودة الى التدريس حضوريا في كافة مدارسها بعد تراجع اعداد الاصابات بجائحة “كورونا” بشكل لافت، ولكنها ستواجه عقبة في تأمين كلفة النقل للطلاب، مع اصرار القوى الفلسطينية على دفعها كما الحال في السنة الماضية تخفيفا لمعاناة الأهالي مع ارتفاع الأسعار ارتباطا بالدولار الاميركي من جهة والمحروقات من جهة أخرى.
ووفق المصادر نفسها، فان الوكالة المذكورةتدرك أن تكاليف النقل تشكل عبئا ثقيلا على الاهالي، ولذلك بدأت جهودالحشد التمويل مع شركائها، الذين من الممكن أن يوفروا المساعدات المالية لنقل الطلاب الأكثر حاجة الى المدارس للعام الدراسي 2022–2023، بما أن خدمات النقل المدرسي غير مشمولة في الميزانية الأساسية للوكالة ولكنها اضيفت بشكل طارئ من خارجها مراعاة للظروف الصعبة، ولانها قامت باقفال مدارس ونقل طلابها الى أخرى، مع تعهدها بتوفير تكاليف النقل كحلّ يرضي القوى الفلسطينية التي رفضت بداية اقفال مدارس وتحديدا في منطقتي صيدا والغازية.
ومع العودة إلى التعليم الحضوريالكامل في الصف، من المقرر ان يُفتح مقصف المدرسة وسيسمح للطلاب كما في السابق الاستفادة من فترة الاستراحة (الفرصة) في الملعب بدلا من البقاء في الصف،غير ان هذه الاجراءات ستبقى خاضعةلأيّ ارشادات محدَثة قد تأخذها وزارة الصحة العامة اللبنانية وبرنامج الصحة في “الأونروا” في حال تغيَرت الظروف وتفشّي وباء “كورونا” من جديد.
ويؤكد مسؤول في “الاونروا” ان ثلاثة تحديات رئيسية تواجه انطلاق العام الدراسي الجديد، اولا سلامة وصحة كل الطلاب والموظفين، وقد أكد قسم التربية والتعليم انه سلتزمبتوفير مستلزمات النظافة الروتينية، بما في ذلك المعقِّمات والكمّامات. مجددا الدعوة لجميع المعلمين والطلاب وأولياء الأمور للالتزام التام بالتدابير الوقائية الصحيةومن أولياء الأمور إبقاء أطفالهم في المنازل إذا ظهرت عليهم أي أعراض لـكوفيد -19على ان تتم مراقبة الطلاب للتأكد من أي أعراض ممكن أن تظهر عليهم أثناء تواجدهم داخل المدرسة.
والتحدي الثاني، يتمثل بتأمين الكتب والقرطاسية، بعدما قررت توزيع الكتب على جميع الطلاب وستستخدم النسخ المتوفرة حالياً من الكتب المدرسية للدولة المضيفة، وستحل مشكلة النقص مرحليا من خلال تطبيق خطة بديلة الى حين توفر الكتب المدرسية للدولة المضيفة في السوق. على ان توزع القرطاسية لجميع الطلاب من الصف الأول إلى الثاني عشر.
والتحدي الثالث، اكتظاظ الصفوف، اذ يصل عدد الطلبة داخل الفصل الواحد إلى 50 طالباً أو أكثر، وهو تحدّ مزمن لا تظهر بوادر حلول قريبة له، علاوة على النقص بالتوظيف التربوي بعد وقف عمليات التوظيف وكيفية تعويض المدرسين الذي يصلون إلى سن التقاعد، وقد اضيف اليها هذا العام وقف برنامج الدعم المدرسي وفصل 70 معلماً، كانوا يعملون في اطاره منذ سنوات، بذريعة أن ميزانية المشروع لم تعد متوفرة.
ورغم الوعود، دق ممثل حركة “حماس” في لبنان الدكتور أحمد عبد الهادي ناقوس الخطر من تراجع العملية التعليمية باستمرار، معتبرا انها تغيب عنها الاستراتيجية التعليمية المنهجية التي تقوم على أسس ومعايير دوليةوإن التعليم في مدارس “الأونروا” إجمالاً ضعيف جدًّا وغير منهجي… وأن الخطط التي تتحدث عنها “الأونروا” ومسؤولوها، هي خطط نظرية، غير موجودة عمليا”.
وشدد عبد الهادي، على أن الأزمة المعيشية جعلت اللبنانيين والفلسطينيين خاصة، غير قادرين، ليس على دفع الأقساط الدراسية فحسب، بل على دفع أجرة المواصلات بسبب الارتفاع الحاد في أسعار الوقود، وهو ما خلق حالة من الحديث عن جدوى الاستمرار في التعليم من الأصل، ما شجع عمليات الهجرة، وهروب الكفاءات من الواقع اللبناني الصعب.
بالمقابل، يؤكد مسؤول دائرة وكالة الغوث في الجبهة الديمقراطية فتحي كليب على ضرورة ان تقوم الاونروا” باطلاق خطة طوارئاقتصادية واجتماعية واغاثية شاملة ومستدامة، قائلا”هذا مطلب اجماعي سياسي وشعبي فلسطيني، وهو الحد الادنى مما هو مطلوب من الوكالة وغيرها من منظمات ومؤسسات دولية.
واضاف:صحيح ان هناك مؤسسات وجمعيات تحاول ان تسد بعض الثغرات، الا ان هذا لا يجب ان يشكل بديلا عن دور الاونروا. فما يحتاجه اللاجئون الفلسطينيون اليوم هو خطط طوارئ اغاثية متوسطة وطويلة المدى.