بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وأسبوع الوحدة الإسلامية وجّه تجمع العلماء المسلمين رسالة للمسلمين في العالم عامة وللبنانيين خاصة. تلاها رئيس الهيئة الإدارية الشيخ الدكتور حسان عبد الله.
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.
يقول الله تعالى في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم:
﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إلى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا * وَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا﴾ صدق الله العلي العظيم.
في أجواءِ ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ وأسبوعِ الوحدةِ الإسلاميةِ نتوجهُ إلى الأمةِ الإسلاميةِ بشكلٍ عامٍ وإلى اللبنانيينَ بشكلٍ خاص بأسمى آياتِ التهنئةِ بهذهِ المناسبةِ المباركة، لقد منَّ الله علينا بأنْ بَعَثَ فينا رسولاً من عندِهِ يتلو علينا آياتِ الله ويزكّينا ويعلِّمنا الكتابَ والحكمةَ ويهدينا إلى طريقِ الحقِّ، سراجاً منيراً يضيءُ لنا ظلماتِ الجهلِ ويخرِجُنا إلى نورِ العلمِ والإيمانِ والمعرفةِ، يدلُّنا إلى طريقِ الصوابِ والخيرِ في الدُّنيا، والسبيلِ إلى رضوانِ الله عزَّ وجلَّ في الآخرة، إن هذا النبيَّ في هذه الأيامِ يتعرضُ هو ونهجُهُ إلى أشدِّ الحملاتِ قسوةً تهدِفُ إلى إلغاءِ هذا الدينِ من قاموسِ البشريةِ، وجَعْلِهم في طريقِ الشيطانِ وردِّهم مرةً أخرى إلى ظلماتِ الجهلِ وإلى جاهليةٍ أبشعَ بكثيرٍ من تلكَ الجاهليةِ التي قضى عليها رسولُنا الكريم، الجاهليةِ التي كانت تتقاتلُ فيما بينها وتسبي نساءَ بعضِها البعض، وتئِدُ الأطفالَ الأبرياءَ إن كانوا إناثاً، ها همُ اليومَ في جاهليةٍ أبشعَ، يريدونَ تغييرَ كلِّ القيمِ وتغييرَ كلِّ المعالمِ الإنسانيةِ باتجاهِ الحيوانيةِ المطلقة.
لذلك فإن أفضلَ إحياءٍ لذكرى مولدِ نبيِّنا الكريمِ محمد صلى الله عليه وآلهِ وسلم يكونُ من خلالِ إحياءِ معالمِ الدينِ الإسلاميِّ وتبيانِ هذا الدينِ المحمديِّ الأصيلِ على حقيقتِه، لا على الطريقةِ التي حاولَ أعداءُ الأمةِ أن ينشروها في الأمسِ القريبِ من خلال الدعواتِ التكفيريةِ التي عادتْ من جديدٍ لتقيمَ جاهليةً جديدةً ولكن هذه المرةَ هي جاهليةٌ باسمِ الإسلام، والإسلامُ منها براء.
إن أفضلَ إحياءٍ لسنَّةِ رسولِ الله ولذكرى مولدِ رسولِ الله يكونُ من خلالِ مواجهةِ الدعواتِ التي يقودُها أنصارُ الشيطانِ وأعداءُ الإنسانِ باتجاهِ نشرِ الرَّذيلةِ، ونشرِ الشذوذِ الجنسيِّ والدعوةِ إليهما، ونشرِ الموبقاتِ، والحربِ الكونيةِ على القيمِ الإنسانية، إن هذه الأمورَ تهدفُ إلى خوضِ معركةٍ لعلّها تكونُ الأخيرةَ بين الدينِ والقِيَم، الدينِ بكلِّ معالمِهِ، وبكلِّ طوائفِه، ومحاربةِ الدينِ من خلالِ نشرِ ما يدعو إليه الشيطانُ من أمورٍ تخالِفُ الفطرةَ أولاً، وتخالفُ التعاليمَ التي جاء بها كلُّ الأنبياء.
لذلك فإننا ندعو إلى أن يكونَ الإحياءُ هذه السنةَ ليس بمجرّدِ الفرحِ، والفرحُ مطلوبٌ وضروريٌّ، ولكن بأن تكونَ مجالسُ الإحياءِ تبياناً لسنّةِ النبيِّ وتوضيحاً لمعالمِ الدِّين، ونزْعِ هذه الأفكارِ المنحرفة.
إننا في تجمع العلماءِ المسلمينَ وفي ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ نعلنُ ما يلي:
أولاً: نتوجّهُ إلى الأمةِ الإسلاميةِ وإلى اللبنانيينَ بالتهنئةِ بذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ، داعينَ لأن تكونَ هذه الذكرى مناسبةً لنبذِ الأحقادِ والعودةِ إلى الحوارِ كسبيلٍ وحيدٍ للخروجِ بما يُرضي الله عزَّ وجلّ ويتناسبُ مع هذه الذكرى الشريفة.
ثانياً: ندعو بمناسبةِ ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ لمواجهةِ الدعواتِ الشيطانيةِ للشذوذِ الجنسيِّ، وللدعواتِ للأفكارِ اللاأخلاقيةِ والميوعةِ والإلحاد، وذلك من خلالِ تبيانِ المعالمِ الحقيقيةِ والصحيحةِ للإسلامِ المحمديِّ الأصيل.
ثالثاً: في ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ نؤكِّدُ على أنَّ قلبَ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم يعتصرُ ألماً لما يحصلُ من احتلالٍ للأراضي المقدسةِ في فلسطينَ والمسجدِ الأقصى، حيثُ أُسْرِيَ به ليلاً، ومنه عَرجَ إلى السماء، الأقصى الذي هو مفتاحُ العلاقةِ ما بين الأرضِ والسماء، إن الإحياءَ الحقيقيَّ لذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ هو بالتمسكُ بالمقاومةِ كطريقٍ وحيدٍ للوصولِ إلى تحريرِ مسرى النبيِّ والأرضِ المقدسةِ في فلسطينَ المحتلة.
رابعاً: ندعو لأن يكونَ الإحياءُ بالتمسكِ بالقيمِ الأخلاقيةِ والدعواتِ الإيمانيةِ وعلى رأسها نصرةُ قضايا المستضعفينَ والفقراءِ وذلك بمدِّ يدِ العونِ إلى هؤلاءِ الفقراءِ المحتاجينَ في هذِهِ الظروفِ الصعبةِ التي يمرُّ بها وطنُنا وبمدِّ يدِ العونِ إليهم من خلالِ تأمينِ مستلزماتِ الحياةِ الكريمةِ لهم.
خامساً: في ذكرى المولدِ النبويِّ الشريفِ ندعو لتكريسِ الوحدةِ الإسلاميةِ، لأنَّ هذا ما أرادهُ رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم من خلال ما أتى به من الله عز وجل عندما قال: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾، لذلك فإنَّ أيَّ دعوةٍ للفرقةِ بين المسلمينَ هي مخالفةٌ لنهجِ رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم.
سادساً: في لبنان ندعو وبسرعةٍ اللبنانيينَ من أجلِ الضغطِ على النوابِ الذين يمثِّلونَهم في النُّدوةِ البرلمانيةِ للتحاورِ فيما بينهم من أجلِ الوصولِ إلى حلٍّ سريعٍ لانتخابِ رئيسٍ للجمهورية، نريدُهُ رئيساً قوياً، صلباً، يستطيعُ الوقوفَ في وجهِ الضغوطِ التي تُمارَسُ على لبنانَ لسوقِهِ إلى التّطبيعِ ومن أجلِ وضعِ خطةٍ اقتصاديةٍ تُخرجنا من الواقع السيء الذي نعيشُ فيه، ومن خلالِ حلِّ القضايا المستعصيةِ وعلى رأسِها قضيةُ النازحينَ السوريينَ بإعادتِهم إلى بلدِهم عودةً كريمة، ونؤكّد أننا نرى أن الشخصَ الأنسبَ لهذا المنصبِ هو معالي الوزيرِ السابقِ الأستاذ سليمان فرنجية.
أخيراً للأمةِ الإسلاميةِ نقول، تمسّكي بنهجِ رسولِ الله حيث فيه تكون النجاةُ ويكون الرقيُّ نحو مصافِّ الدولِ العظمى، وإذا ما تركنا هذا الدينَ فإننا سنسيرُ نحو الهاويةِ وتضيعُ أمّتُنا ولا نكونُ كما أرادَنا اللهُ ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ والحمدُ لله رب العالمين وكل عام وأنتم بخير.