أخبار المركزالأخبار الإقليميةالبيانات الرسمية للمركزالساحة اللبنانيةالعالم الإسلاميالعالم العربي

عقدت الهيئة العامة في تجمع العلماء المسلمين اجتماعها الدوري الذي خصصته لمناقشة قضايا إسلامية عامة والوضع في لبنان، وصدر عن الاجتماع بيان ختامي، تلاه رئيس الهيئة الإدارية سماحة الشيخ الدكتور حسان عبد الله:

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين.
عقدتِ الهيئةُ العامةُ في تجمّعِ العلماءِ المسلمين اجتماعَها الدوريَّ وتباحثتْ في الأمورِ العامةِ التي تهمُّ الأمةَ الإسلاميةَ بشكلٍ عامٍ والوضعِ في لبنان بشكلٍ خاص، وابتدأ الاجتماعُ بالتعرّضِ للذكرى الأليمةِ لمجزرةِ صبرا وشاتيلا التي نفّذها العدوُّ الصهيونيُّ بالتعاونِ مع القواتِ اللبنانيةِ والكتائب، والتي ذهبَ ضحيّتَها المئاتُ من أبناءِ الشعبِ الفلسطينيِّ واللبنانيِّ والتي إلى الآن لم يقمْ ما يسمّى بالمجتمعِ الدوليِّ باتخاذِ أيِّ حكمٍ في هذا الخصوص لا في محكمةِ الجناياتِ الدوليةِ ولا في غيرها من مؤسساتِ ما يسمّى بالعدلِ الدوليّ. إن هذه المجزرةَ التي ارتُكِبَتْ عن سابقِ إصرارٍ وتصميمٍ والتي أدّت إلى تدميرِ المخيَّمَيْن،كان الهدفُ منها أن يُصارَ إلى إنهاءِ المخيماتِ بعدَ خروجِ القواتِ الفلسطينيةِ من لبنان بعد الاجتياحِ الصهيونيِّ العام 1982، والتي كان يراهنُ العدوُّ الصهيونيُّ ومَنْ يعاونُهُ في الداخلِ اللبنانيِّ بأن تتمَ السيطرةُ التامةُ على لبنانَ وإدخالِهِ في اتفاقيةِ سلامٍ هي في الواقعِ استسلامٌ مع العدوِّ الصهيوني، ولكن الذي حصلَ كان مغايراً لكل توقعاتهم، فقد انبرى من بين الشعبِ اللبنانيِّ فئةٌ حملتِ السلاحَ وقاومتِ الاحتلالَ الصهيونيَّ، واستطاعت بعد جهادٍ طويلٍ أن تُخرِجَ هذا العدوَّ من لبنانَ من دونِ قيدٍ أو شرط، وكان الانتصارُ المؤزّرُ في 25 أيار 2000.
إن استذكارَ مجزرةِ صبرا وشاتيلا يجعلنا ننظرُ الآن بكثيرٍ من الحذرِ لما يحصلُ في مخيمِ عينِ الحلوة، ونعتبرُ أن هذا الذي يحصلُ هناك هو استمرارٌ لمسلسلِ إنهاءِ المخيمات، فبعدَ مخيمِ تلِّ الزّعترِ ومخيمِ الضبية ومخيمِ صبرا وشاتيلا ثم مخيمِ نهرِ البارد، يأتي اليومَ دورُ مخيمِ عينِ الحلوة وهو أكبرُ مخيماتِ الشّتات، والهدفُ من وراءِ تدميرِ هذا المخيّمِ هو إنهاءُ حقِّ العودةِ من أجلِ ترتيبِ عمليةِ التطبيعِ ما بين الدولِ العربيةِ والكيانِ الصهيونيّ، إن العقبةَ التي تقفُ أمامَ إتمامِ الاستسلامِ للعدوِّ الصهيونيِّ ما زالتْ قضيةَ اللاجئينَ الفلسطينيين، هم يريدون اليومَ التخلصَ من مخيمِ عينِ الحلوة من أجلِ أن يدمجوا الشعبَ الفلسطينيَّ الموجودَ في المخيمِ بعد تهجيرهِ في داخلِ البيئةِ اللبنانيةِ مقدمةً لتوطينهم، ونحن هنا في تجمعِ العلماءِ المسلمينَ نعلن ما يلي:
أولاً: نرفضُ رفضاً تاماً الاقتتالَ الحاصلَ في داخلِ مخيمِ عين الحلوة ونعتبرهُ محرّماً شرعاً، ونرفضُ التحجُّجَ بأيِّ ذريعةٍ للاستمرارِ بهذه المعارك.
ثانياً: إن تسليمَ المطلوبينَ في عمليتَيِّ الاغتيالِ هو أمرٌ واجبٌ على الجهاتِ التي ينتمونَ إليها، وإنَ عدمَ تسليمهم هو اشتراكٌ في المؤامرةِ المحاكةِ على مخيمِ عينِ الحلوة، ومن يرفضُ التسليمَ يساهمُ من حيثُ يريدُ أو لا يريد بالمشروعِ الأكبرِ وهو إنهاءُ المخيماتِ وإنهاءُ حقِّ العودة.
ثالثاً: نعتبرُ أن حلَّ الإشكالاتِ في داخلِ المخيمِ لا يكونُ من خلالِ اللجوءِ إلى السلاحِ، بل لا يجوزُ اللجوءُ والاحتكامُ إلى السلاح، ولا بدّ من الحوار ِكطريقٍ وحيدٍ من أجل ِالوصولِ إلى قواسمَ مشتركةٍ تؤدي إلى حلِّ المشاكلِ من دونِ تعريضِ حياةِ المواطنينَ وأملاكِهم للخطر.
رابعاً: إننا نحذّرُ من أن يكونَ هذا الذي يحصلُ في داخلِ مخيمِ عينِ الحلوة هو من ضمنِ الصراعِ الفلسطينيّ – الفلسطيني للإمساكِ بزمامِ الأمورِ والإمساكِ بالسلطةِ في داخلِ فلسطين، وندعو إلى عودةِ جميعِ الفصائلِ الفلسطينيةِ إلى خيارِ الشعبِ الفلسطينيِّ الموحّدِ وهو المقاومةُ ضدَّ العدوِّ الصهيوني.

والأمرُ الثاني الذي بَحَثَتْهُ الهيئةُ العامةُ كان موضوعَ الشذوذِ الجنسيّ، الأمر الذي تسعى إليه الدوائرُ المظلمةُ المتحكمةُ بالعالم، وذلك من أجلِ القضاءِ على البشرية.
إن نشرَ الشذوذِ الجنسيِّ والميوعةِ اللاأخلاقيةِ والإلحادِ الهدفُ منهُ إبعادُ الناسِ عن القيم، وعن الأخلاقِ وتدميرُ البشرية، إن ما يحصلُ لا يَبْعُدُ أن يكونَ جزءاً من مؤامرةٍ تهدفُ إلى القضاءِ على التوسعِ والازديادِ في عددِ السكان في العالم، فبعدَ نشرِ فيروس كورونا وعدمِ الوصولِ إلى النتيجةِ المتوخاةِ وهي قتلُ مئاتِ الملايينَ من الناسِ، ابتدعَ الفكرُ الشّريرُ مسألةَ نشرِ الشذوذ، حيثُ بذلك تنتهي الأسرةُ، وينتهي الإنجابُ، وتنتهي مشكلةُ التوسّع السكاني.
إننا في تجمع العلماء المسلمين نعلن ما يلي:
أولاً: إن النهيَ عن الشذوذِ الجنسيِّ ينطلقُ أولاً من الحكمِ الشرعيِّ الذي يعتبرُ هذهِ الممارسةَ، ممارسةً غير شرعيةِ يُعاقَبُ من يقومُ بها بأشدِّ أنواعِ العقاب، والعقابُ الذي وصلَ إلى هذا المستوى سبُبُه الأزمةُ، أو المشكلةُ التي تخلقُها هكذا أعمال.
ثانياً: إن المسألةَ لا ترتبطُ فقط بالدينِ الإسلاميِّ، بل هي محرمةٌ في جميعِ الأديان، وبالتالي يجبُ أن تتضافرَ جهودُ علماءِ الدينِ على اختلافِ طوائفِهم ومذاهِبِهم لمواجهةِ هذه الجريمةِ التي تُرتكبُ بحقِّ الإنسانية.
ثالثاً: إن انتشارَ الشذوذَ بهذا المستوى هو مخالفٌ للفطرةِ الإنسانيةِ التي فَطَرَ الله الناسَ عليها، وبالتالي ستؤدّي هذه المسألةُ حتماً إلى انتشارِ الموبقاتِ وانتشارِ الأمراض، والكلُّ يعرفُ أن انتشارَ فيروس الإيدز هو واحدٌ من المخاطرِ الناتجةِ عن هذِهِ الأفعال. إن هدفَ الذين يدعونَ إلى هذه الأعمالِ هو إبعادُ الإسلامِ عن ساحةِ الحياةِ الاجتماعيةِ من خلالِ نشرِ هذه الموبقات، ومن خلالِ نشرِ الميوعةِ عبر وسائلِ التواصلِ الاجتماعيِّ ومحطاتِ التلفزة، والتي تهدفُ إلى ضربِ القيمِ الإسلاميةِ والإنسانيةِ عند البشر.

الأمر الثالث الذي تمَّ التباحثُ فيه في الهيئةِ العامةِ هو موضوعُ انتخاب رئيسِ للجمهورية.
إن المسألةَ لم تعد تحتملُ الإطالةَ أكثر، فالوضعُ في لبنانَ يزدادُ تدهوراً، والأزمةُ الاقتصاديةُ تتفاقم، والوضعُ الاجتماعيُّ يزدادُ سوءاً، والحلُّ هو بانتظامِ عملِ المؤسساتِ الدستوريةِ وبدايةُ هذا الانتظامِ بانتخابِ رئيسٍ للجمهورية. نحن لا نقول إن انتخابَ رئيسِ الجمهوريةِ هو الحل، ولكنه قطعاً هو مفتاحٌ للحلِّ، لذلك فإننا في تجمعِ العلماءِ المسلمين ندعو النوابَ جميعاً للتجاوبِ مع دعوةِ دولةِ رئيسِ مجلسِ النوابِ الأستاذ نبيه بري للحوارِ كطريقٍ للوصولِ إلى التوافقِ على اسمٍ أو أكثرَ يذهبونَ بعدَهُ إلى مجلسِ النوابِ من أجلِ أن يعقدوا جلساتٍ متتاليةً يُنتخبُ بعدها رئيسٌ للجمهورية.
إننا في تجمعِ العلماءِ المسلمينَ نعتبرُ أن الرئيسَ المقبلَ يجبُ أن يتحلى بمواصفاتٍ أهمُّها أن يكونَ رئيساً قوياً وطنياً سيادياً لا يستمعُ ولا يُذعنُ لإملاءاتِ الآخَرِ مهما كانَ هذا الآخرُ قوةً عظمى أو قوةً إقليمية، بل يقدّمُ المصلحةَ الوطنيةَ على المصالحِ الفئويةِ والشخصيةِ والحزبية، وحتى الدوليِة ومصالحِ الخارج، إننا نعتبرُ أن الرئيسَ المقبلَ يجبُ أن يكون مؤمناً بأن حمايةَ لبنان من أخطارِ العدوِّ الصهيوني، وحمايةَ ثرواتِ لبنانَ الموعودةِ في البحرِ من خلالِ النفطِ والغازِ الذي يُعملُ على استخراجِه، وحمايةَ الأراضي اللبنانيةِ من الاعتداءِ عليها كما يحصلُ الآن في تلالِ كفرشوبا ومزارعِ شبعا والقسمِ اللبناني من قريةِ الغجر، كلُّ ذلكَ لا يمكنُ أن يتمَّ إلا من خلالِ أن يكونَ الرئيسُ مؤمناً بالثلاثيةِ الماسيةِ الجيشِ والشعبِ والمقاومة، كطريقٍ وحيدٍ لحمايةِ لبنان وحفظِ ثرواتهِ، لذلك فإننا نعتقدُ أن الشخصَ الذي تتوافرُ فيه هذهِ الصفاتُ وهو قريبٌ من الجميعِ ومستعدٌ للحوارِ معَ الجميعِ ويمكنُ لهُ من خلالِ علاقتِهِ المميزةِ مع سوريا المساعدةُ في حلِّ مشكلةِ النازحينَ السوريينَ هو معالي الوزيرُ السابقُ الأستاذ سليمان فرنجية، لذلك فإننا ندعو النوابَ الكرامَ لانتخابه.

المسألةُ الأخيرةُ التي تمَّ التباحثُ فيها في جلسةِ الهيئةِ العامةِ موضوعُ النازحينَ السوريين.
النازحونَ السوريونَ أشقاؤنا، ونحن لا ننسى كيف استَقْبَلنا شعبُ سوريا في بلادِهم في العام 2006 أثناءَ العدوانِ الصهيوني، ولكن الأمرَ الآن لم يعدْ من بابِ احتضانِ عائلاتٍ مهجّرةٍ بسببِ الحرب، بل أصبحَ نزوحاً بسببِ أوضاعٍ اقتصاديةٍ في بلادِهم قد لا تكونُ في بلادِنا أحسنَ، وإن الأمرَ وصلَ إلى حدٍّ باتَ يشكّلُ خطراً على الوضعِ الاقتصاديِّ في لبنانَ الذي ينهارُ شيئاً فشيئاً، لذلك لا بدَّ من عودةٍ أمنةٍ وكريمةٍ للسوريينَ إلى بلادِهم وذلك من خلالِ توفيرِ الرجوعِ الآمنِ، وأن تقومَ المؤسساتُ الدوليةُ بتوفيرِ الدّعمِ لهم في داخلِ بلادهم.
لذلك فإننا نطالبُ الدولةَ اللبنانيةَ أن تتحركَ وبسرعةٍ لإيفادِ وزيرِ الخارجيةِ الأستاذ عبد الله بو حبيب مع وفدٍ كبيرٍ من أجلِ مناقشةِ هذا الأمر مع الحكومةِ السورية والانتهاءِ من هذِهِ الأزمة، وإلا فإنّ الخطرَ لن يُحْدِقَ بلبنانَ فقط بل قد يُطاولُ البلادَ الأخرى، وأوروبا ليستْ ببعيدةٍ عن أخطارِ هذا النزوحِ من خلالِ عملياتِ التهريبِ التي تجري كلَّ يومٍ من الأراضي اللبنانية. والحمد لله رب العالمين

.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *