بين المثلث اليمني الاميركي الاسرائيلي.. تحركات دبلوماسية او تغييرات استراتيجية
| فراس فرحات | كاتب ومحلل سياسي
تشير الأحداث الأخيرة إلى تطورات معقدة ومتناقضة فيما يتعلق بالعلاقات الأمريكية اليمنية، وردود فعل إسرائيلية متواصلة تجاه التهديدات الصادرة من اليمن، خاصة من قبل جماعة نصار الله.
ومع ذلك، في تطور لافت، وبتاريخ 6 مايو 2025، نقلت تقارير إعلامية تصريحات للرئيس الأمريكي دونالد ترمب أعلن فيها عن وقف فوري للضربات الجوية الأمريكية على اليمن.
وأشار ترمب إلى أن هذا القرار جاء بناءً على تعهد من الحوثيين بوقف هجماتهم، وأن الولايات المتحدة “صدقت هذا الوعد”.
وأوضح أن الحوثيين “لم يعودوا يريدون القتال” وأنهم طلبوا وقف القصف الأمريكي مقابل وقف هجماتهم على السفن.
لكن الرد جاء على لسان السيد الحوثي حيث أشار إلى أنه كان “هناك تصعيد واضح في الجولة الثانية من العدوان الأمريكي لإسناد العدو الإسرائيلي ولكنه فشل فشلا ذريعاً، وأن هذا التصعيد لم يؤثر على القدرات العسكرية ولم يوقف العمليات ولم يؤثر على الإرادة الشعبية في كل أسبوع، وأن الشعب اليمني رغم التصعيد الأمريكي كان يخرج خروجاً مليونياً عظيماً في مئات الساحات وفي مظاهرات لا مثيل لها في كل العالم”.
واضاف: التصعيد الأميركي لم يؤثر على قدراتنا العسكرية.
من جهة ثانية تواصل إسرائيل النظر إلى الحوثيين كتهديد وتتخذ إجراءات عسكرية ضدهم..
التنسيق مع الولايات المتحدة (وعدمه أحيانًا):
بينما تشير بعض التقارير إلى أن بعض الهجمات الإسرائيلية نُفذت بالتنسيق مع الولايات المتحدة أو بعد إبلاغها مسبقًا.
سياسة الرد المباشر:
تدرس “إسرائيل” تعديل سياستها تجاه اليمن بهدف الرد المباشر على الهجمات التي تنفذها جماعة أنصار الله، خاصة بعد سقوط صاروخ أُطلق من اليمن قرب مطار بن غوريون.
استمرار التهديدات المتبادلة:
توعد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بتوسيع الضربات ضد الحوثيين، فيما أعلنت جماعة أنصار الله عزمها على تكرار استهداف المطارات الإسرائيلية ومواصلة عملياتها ما دامت الحرب على قطاع غزة مستمرة.
من الجدير بالذكر أن التصريحات المنسوبة لترمب حول وقف الضربات الأمريكية على اليمن أشارت إلى أن هذا لا يعني بالضرورة أن إسرائيل ستوقف عملياتها.
وفي أعقاب هذا الإعلان الأمريكي المحتمل، تم رصد إطلاق صاروخ من اليمن باتجاه إسرائيل، مما يشير إلى أن أي اتفاق أمريكي حوثي قد يستثني إسرائيل.
لا تشير الأحداث إلى “تقارب” بالمعنى الدبلوماسي التقليدي بين الولايات المتحدة واليمن، بل إلى تطورات ميدانية قد تشمل تفاهمات لوقف التصعيد من الجانب الأمريكي، مقابل ردود فعل إسرائيلية تستمر في طابعها العسكري والمواجهة المباشرة للتهديدات الحوثية.
على ما يبدو أن “إسرائيل” تتجه نحو تبني سياسة رد مباشر لترسيخ معادلة ردع.
الديناميكيات بين الولايات المتحدة وإسرائيل بشأن اليمن:
قد تكون للولايات المتحدة اعتبارات أوسع تتعلق بالاستقرار الإقليمي وتجنب حرب شاملة، بينما تركز إسرائيل بشكل أساسي على أمنها المباشر.. تصريحات ترامب الأخيرة، إذا تحولت إلى سياسة، قد تخلق تبايناً في النهج المتبع تجاه الحوثيين، حيث قد توقف واشنطن ضرباتها بينما تستمر إسرائيل في عملياتها.
بما معناه… تصريحات ترمب حول وقف الضربات الأمريكية تمثل نقطة تحول محتملة، لكن تأثيرها الحقيقي سيعتمد على مدى ترجمتها إلى سياسة رسمية ومستدامة، وعلى رد فعل الحوثيين وإسرائيل.
الوضع متقلب للغاية.. إذ ان هجمات الحوثيين مستمرة، وكذلك الردود العسكرية، ومن المرجح أن تواصل إسرائيل سياستها تجاه أي تهديدات قادمة من اليمن، خاصة تلك التي تستهدف أراضيها أو مصالحها البحرية بشكل مباشر.
يبقى ارتباط الأزمة في البحر الأحمر بالصراع في غزة عاملاً رئيسياً، وأي تهدئة شاملة في المنطقة قد تنعكس إيجاباً على الوضع في اليمن والعكس صحيح.
وعليه.. يشهد المثلث اليمني_الأمريكي_الإسرائيلي تفاعلات معقدة، يغلب عليها الطابع العسكري والمواجهة، مع بعض المؤشرات الحديثة على تحركات دبلوماسية أو تغييرات استراتيجية محتملة من الجانب الأمريكي، وإن كانت نتائجها غير مؤكدة بعد.