قال اللواء احتياط في جيش الاحتلال والمفوّض السابق لشكاوى جنود العدو يتسحاق بريك لموقع “القناة 12” الصهيوني إنَّ: “هناك قلقًا بالغًا من التأثير السلبي على حافزية “الشباب” للانخراط في الجيش في ظل وضع مأساوي كهذا. إذا شعر “الشباب” أن قيادة “الدولة” (الكيان) لم تفعل ما يكفي لإنقاذ الأسرى، وأن القرارات اتُّخذت بناءً على معايير سياسية غريبة، لا بدافع الحفاظ على حياة البشر، فقد تكون للتبعات نتائج خطيرة”.
كما أشار اللواء إلى أبرز هذه النتائج الخطيرة؛ وهي:
– ضرب الثقة بالمؤسسات: الشعور بخيانة المنظومة السياسية أو إهمالها قد يؤدي إلى تآكل ثقة “الشباب” بمؤسسات “الدولة”، ومنها الجيش. وقد يتساءلون عما إذا كانت المنظومة تهتم فعلًا بمواطنيها وجنودها؟
– تراجع الدافعية للتجنيد: إذا شعر الشباب بأنّ حياتهم قد تُترك للقدر، أو أن “الدولة” لا تبذل جهدًا كافيًا لحماية مواطنيها في الأزمات، فقد يؤدي ذلك إلى تراجع رغبتهم في الالتحاق بالجيش وتعريض حياتهم للخطر من أجل “الدولة”, وقد تبرز لديهم تساؤلات مثل: “لماذا أتجند إذا كانت “الدولة” لا تحمي “مواطنيها” (مستوطنيها)؟”.
– مشاعر السخرية وعدم المبالاة: الإحباط العميق والشعور بالعجز قد يؤديان إلى تبني مواقف ساخرة وعدم مبالاة تجاه المنظومة والمجتمع عمومًا. وقد يشعر الشباب أن لا جدوى من الاستثمار أو العطاء لدولة لا تحمي أبناءها.
– البحث عن بدائل: بعض الشباب قد يبحثون عن طرق أخرى للإسهام في المجتمع أو حتى يفكرون في الهجرة من “دولة” يشعرون أن حياتهم فيها ليست أولوية.
– تطرف اجتماعي وسياسي: مشاعر الغضب والإحباط قد تدفع بالبعض نحو تبني آراء متطرفة ودعم حركات احتجاجية أو مطالب بتغيير جذري في النظام السياسي”.
ولفت بريك إلى أنّه: “من المهم الإشارة إلى أن رد فعل الجيل الشاب سيكون معقدًا ومتأثرًا بعدة عوامل، ومنها كيفية تعامل الحكومة مع الأزمة، والمعلومات التي ستُعرض للرأي العام، والنقاش الاجتماعي الذي سيتطور حول الموضوع. لكن مما لا شك فيه أن خسارة “المختطفين” نتيجة معايير سياسية ستترك جرحًا عميقًا وستقوّض أسس الثقة والاستعداد عند الجيل الجديد لخدمة الدولة”.
وأردف: “لتجنب هذه النتائج الوخيمة، من الضروري أن يعمل صناع القرار بشفافية كاملة، ويعرضوا جهودًا صادقة لإعادة “المختطفين”، ويوضحوا أن الأساس الوحيد الذي يقود قراراتهم هو أمن المواطنين وعودتهم إلى بيوتهم. إعادة بناء الثقة ستكون عملية طويلة ومعقدة، لكنها ضرورية لمستقبل المجتمع وللأمن القومي”، لافتًا إلى أنّ: “هناك مَن يقول إنه من أجل هزيمة حماس يجب دفع ثمن، ولكن المشكلة أننا ندفع الثمن أصلًا وسنواصل دفعه، سواء بخسارة حياة المختطفين أم بالإضرار بقواتنا، ومع ذلك لا نستطيع حاليًا القضاء على حماس”.
وأضاف بريك: “على مدار السنة والنصف الماضية، منذ اندلاع الحرب، شهدنا سلسلة من الأكاذيب من المستوى السياسي والعسكري عن النصر على حماس، نصر لم يتحقق ولن يتحقق، لأن الجيش “الإسرائيلي” الصغير غير قادر على البقاء في المناطق التي يسيطر عليها، ولا يملك القوى المحترفة الكافية لتدمير مدينة الأنفاق حيث تتحصن حماس بآلاف من عناصرها. حتى استئناف القتال لن يؤدي إلى القضاء على حماس. ولهذا؛ فإن كل من يدعي أن هناك خيارين — إما التوصل لاتفاق مع حماس وتحرير المختطفين، ما يعني خسارة الحرب، أو القضاء على حماس وفقدان بعض المختطفين — هو مخطئ”.
وتابع: “لهؤلاء الجهلة أود أن أقول إن الخيار الثاني ببساطة غير موجود، فالجيش “الإسرائيلي”، في وضعه الحالي، غير قادر على القضاء على حماس كما يتمنون، وبالتالي الخيار الوحيد هو تنفيذ الاتفاق الذي وقّع عليه نتنياهو: وقف القتال وإطلاق سراح جميع المختطفين دفعة واحدة وإعادة بناء الجيش والاستعداد للدفاع عن الدولة على جميع حدودها، والاستعداد للقضاء على حماس عند الضرورة”.
وقال بريك: “طالما أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، والذي لا يدرك تمامًا الوضع المزري للجيش “الإسرائيلي”، يستمر في تقديم دعم سياسي لبنيامين نتنياهو لمواصلة حرب فقدت هدفها، ربما سننجح في تحرير بعض “المختطفين”، لكن سنفقد الآخرين داخل الأنفاق”، مشيرًا إلى أنّ: “هناك عدة عوامل تسهم في عدم تحقيق أهداف المستوى السياسي في الحرب على غزة حتى الآن وهي:
– القضاء على حماس: حماس هي “منظمة حرب عصابات”، تحمل أيديولوجية متجذرة وتحظى بدعم شعبي جزئي، ومن الصعب جدًا القضاء عليها عسكريًا بشكل نهائي.
– البنية التحتية تحت الأرض: شبكة الأنفاق الواسعة تمكّن حماس من الاستمرار في العمل على الرغم من القصف الجوي والتوغل البري.
العمل العسكري المكثف للقضاء على حماس قد يؤدي إلى ثمن إنساني باهظ، ويجلب انتقادات دولية، ما يقيّد نطاق العمل العسكري “الإسرائيلي”.
– حماس تستغل الأسرى كورقة مساومة، ما يعقد إمكانات الحسم العسكري.
– إقامة إدارة عسكرية في غزة تتطلب قوات ضخمة على مدى زمني طويل، موارد اقتصادية هائلة، واستعداد دائم لمواجهة تهديدات “الإرهاب” وحرب العصابات.
– معارضة “السكان”: من المتوقع أن يعارض معظم الفلسطينيين الحكم العسكري “الإسرائيلي”، ما سيفرض وسائل قمع مشددة وسيؤدي إلى احتكاك مستمر.
– إقامة إدارة عسكرية “إسرائيلية” في غزة ستواجه على الأرجح انتقادات دولية قاسية من المجتمع الدولي.
– غياب خطة طويلة الأمد: ليس واضحًا ما سيكون مصير إدارة عسكرية كهذه على المدى الطويل أو كيف ستتداخل مع حل سياسي مستقبلي.
– غياب بديل سياسي: لا توجد حاليًا سلطة فلسطينية قوية وموحدة قادرة على استبدال حماس في غزة، والسلطة الفلسطينية ضعيفة، ولا تحظى بتأييد واسع في القطاع.
– دعم شعبي (جزئي) لحماس: على الرغم من الانتقادات لحكمها، ما يزال جزء كبير من سكان غزة يرى حماس قوة مقاومة ضد “إسرائيل” ويدعمها إلى حد ما.
– مقاومة حماس: لن تتنازل حماس عن حكمها بسهولة، ومن المتوقع أن تقاتل بشراسة ضد أي محاولة لإزاحتها.
– التعقيد السياسي: إدخال قوة حاكمة جديدة لغزة يرافقه تعقيدات سياسية داخلية وخارجية متعددة”.
وأضاف: “خلاصة القول: تحقيق أهداف المستوى السياسي في حرب غزة يواجه تحديات نابعة من طبيعة تنظيم العدو، والواقع المعقد على الأرض، والتداعيات الإقليمية والدولية للنزاع. يبدو أن بلوغ هذه الأهداف بالكامل على المدى القريب غير وارد، ما لم يحدث تغيير حقيقي في حجم الجيش البري، وفي حجم القوات المهنية لتدمير الأنفاق، وفي الاستراتيجية، أو في الظروف الميدانية”، لافتًا إلى أنّه: “حتى لو وُجد خيار عسكري لحسم المعركة ضد حماس، كان يتوجب على المستوى السياسي أولًا إطلاق سراح جميع الأسرى، وعدم تحريرهم سيبقى وصمة عار أبدية، وقد يؤدي إلى ضربة قاسية لدوافع الشباب للتجنيد وخدمة الدولة، خاصة بعد أن يشهدوا كيف أن الدولة تخلّت عن الأسرى، ولم تمد لهم يد العون”.
وختم بريك: “كل التصريحات الصادرة عن المستوى السياسي والعسكري التي تزعم أن الضغط العسكري سيؤدي لتحرير جميع الأسرى، ليست سوى خداع كبير.
إنها وسيلتهم للحصول على شرعية شعبية لمواصلة حرب فقدت معناها منذ زمن بعيد.
استمرار الحرب يمنع إعادة بناء الجيش وتجهيزه لمواجهة التهديدات التي تحيط بدولة “إسرائيل””.